{ وَلُوطاً } عطف على إبراهيم أو على ما عطف عليه. { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةُ } الفعلة البالغة في القبح، وقرأَالحرميان وابن عامر وحفص بهمزة مكسورة على الخبر والباقون على الاستفهام وأجمعوا على الاستفهام في الثاني. { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } استئناف مقرر لفاحشتها من حيث إنها مما اشمأزت منه الطباع وتحاشت عنه النفوس حتى أقدموا عليها لخبث طينتهم. { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ } وتتعرضون للسابلة بالقتل وأخذ المال أو بالفاحشة حتى انقطعت الطرق، أو تقطعون سبيل النسل بالإِعراض عن الحرث وإتيان ما ليس بحرث. { وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ } في مجالسكم الغاصة بأهلها ولا يقال للنادى إلا لما فيه أهله. { ٱلْمُنْكَرَ } كالجماع والضراط وحل الإِزار وغيرها من القبائح عدم مبالاة بها. وقيل الحذف ورمي البنادق. { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } في استقباح ذلك أو في دعوى النبوة المفهومة من التوبيخ. { قَالَ رَبّ ٱنصُرْنِى } بإنزال العذاب. { عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } باتباع الفاحشة وسنها فيمن بعدهم، وصفهم بذلك مبالغة في استنزال العذاب وإشعاراً بأنهم أحقاء بأن يعجل لهم العذاب. { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرٰهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ } بالبشارة بالولد والنافلة. { قَالُواْ إِنَّآ مُهْلِكُو أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ } قرية سدوم والإِضافة لفظية لأن المعنى على الاستقبال. { إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَـٰلِمِينَ } تعليل لإِهلاكهم لهم بإصرارهم وتماديهم في ظلمهم الذي هو الكفر وأنواع المعاصي. { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً } اعتراض عليهم بأن فيها من لم يظلم، أو معارضة للموجب بالمانع وهو كون النبي بين أظهرهم. { قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ } تسليم لقوله مع ادعاء مزيد العلم به وأنهم ما كانوا غافلين عنه، وجواب عنه بتخصيص الأهل بمن عداه وأهله أو تأقيت الإِهلاك بإخراجهم منها، وفيه تأخير للبيان عن الخطاب. { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } الباقين في العذاب أو القرية. { وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِىءَ بِهِمْ } جاءته المساءة والغم بسببهم مخافة أن يقصدهم قومه بسوء، و { أَن } صلة لتأكيد الفعلين واتصالهما. { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } وضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته كقولهم ضاقت يده وبإزائه رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقاً له، وذلك لأن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع. { وَقَالُواْ } لما رأوا فيه أثر الضجرة. { لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ } على تمكنهم منا. { إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرينَ } وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب «لننجينه» »ومنجوك« بالتخفيف ووافقهم أبو بكر وابن كثير في الثاني، وموضع الكاف الجر على المختار ونصب { أَهْلِكَ } بإضمار فعل أو بالعطف على محلها باعتبار الأصل. { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ } عذاباً منها سمي بذلك لأنه يقلق المعذب من قولهم ارتجز إذا ارتجس أي اضطرب، وقرأ ابن عامر »مُنزِّلُونَ« بالتشديد.