قوله تعالى: { مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ } " ما " صلة. والمعنى: من خطاياهم، أي: من أجلها وبسببها أغرقوا. قرأ أبو عمرو: " خَطَايَاهُم " مثل: عطاياهم. وقرأ الباقون: " خطيئاتهم " ، وهما جمْعا: خطيئة. وفي قراءة ابن مسعود: " من خطيئاتهم ". قوله تعالى: { دَيَّاراً } من الأسماء المستعملة في النفي العام. قال ابن قتيبة: يقال: ما بالمنازل ديّار؛ أي: ما بها أحد. قال الزجاج: أصلها: ديوار، فقلبت الواو ياء [وأدغمت] إحداهما في الأخرى. قال المفسرون: إنما دعا عليهم؛ لأن [الله] تعالى أوحى إليه:{ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } [هود: 36]. قوله تعالى: { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } قد ذكرنا فيما مضى أن اسم أبيه: [لمك] بن متوشلخ، واسم أمه: شمخا بنت أنوش. قال المفسرون: كانا مؤمنين. وقرأ سعيد بن بن جبير وسعيد بن المسيب والجحدري: " ولوالدي " على التوحيد، وهي قراءة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقرأ ابن مسعود وأبو العالية والزهري والنخعي: " ولِوَلَدَيَّ " من غير ألف، على التثنية، يريد: ابنيه. وفي استغفار نوح لوالديه وإبراهيم أيضاً في قوله:{ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } [إبراهيم: 41] شريعة وتنبيه لكل مؤمن على الاستغفار لوالديه، إلا أن يموتا على الكفر، فلا وجه لاستغفاره لهما. أخبرنا حنبل بن الفرج إذناً قال: أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أبو بكر ابن حمدان، أخبرنا عبدالله بن الإمام أحمد، حدثني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم [بن] أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك ". قوله تعالى: { وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً } أي: منزلي. وقيل: مسجدي. و " مؤمناً " نصب على الحال. { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } عام في كل من آمن، من الرجال والنساء. { وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً } أي: هلاكاً. فإن قيل: ما فعل بصبيانهم حين أغرقوا؟ قلتُ: عنه أجوبة: أحدها: أنه قد روي أن الله أعقم نساءهم أربعين سنة، فلم يكن لهم عند الغرق صبيان. الثاني: أنهم كانوا كفاراً في علم الله تعالى؛ لأن نوحاً لم يُقدم على قوله: { وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } إلا بطريق الوحي. الثالث: أنهم أُغرقوا بآجالهم لا على وجه العقوبة لهم. والله سبحانه وتعالى أعلم.