وما بعده سبق تفسيره في مواضعه إلى قوله تعالى: { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً }. قال ابن عباس: مجتمعة. وقال قتادة: جماعات، من الجَثْوَة، وهي الجماعة. وقد ذكرناه في سورة مريم. وقال مجاهد: مستوفزة. وقال الحسن: باركة على الركب. قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: في القيامة ساعة هي عشر سنين، يكون الناس فيها جثاة على ركبهم، حتى إن إبراهيم عليه السلام ينادي: نفسي نفسي، لا أسألك إلا نفسي. وقرئ: " جَاذِيَةً " بالذال المعجمة، والجذوّ أشد استيفازاً من الجثو؛ لأن الجاذي هو الذي يجلس على أطراف أصابعه. { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا } وقرأت على شيخنا أبي البقاء ليعقوب من بعض طرقه: " كُلَّ أمَّةٍ " بالنصب. فمن رفع فعلى الابتداء، ومن نصب جعله بدلاً مما قبله. قال ابن [عباس]: تدعى إلى كتابها الذي فيه حسناتها وسيئاتها. وقال الشعبي: تدعى إلى حسابها. وهو قول الفراء وابن قتيبة، وهو يرجع إلى القول. وقيل: إلى كتابها الذي أنزل على رسولها. { هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ } قال ابن السائب: كتاب الأعمال الذي كتبته الحفظة. وقال مقاتل: اللوح المحفوظ. وقال ابن قتيبة: المعنى: هذا القرآن يدلكم ويذكركم، فكأنه ينطق عليهم. { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ } أي: نأمر الملائكة بكتب أعمالكم في الدنيا. هذا معنى قول علي بن أبي طالب عليه السلام. وقال أكثر المفسرين: نأمر الملائكة أن ينسخوا من اللوح المحفوظ في كل عام ما يكون من أعمال بني آدم فيه. قالوا: والاستنساخ لا يكون إلا من أصل. وقال الحسن: ونستنسخ ما حفظته عليكم الملائكة.