الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيّبَـٰتِ } يقول: من حلالات { مَّا كَسَبْتُمْ } في الآية أمر بالصدقة من الحلال وفيها دليل: أن من تصدق من الحرام لا يقبل لأن الواجب عليه أن يردها إلى موضعها. ويقال: أنفقوا من طيبات يعني من مال اللذيذ والشهي عندكم مما كسبتم. يقول: مما جمعتم من الذهب والفضة قوله تعالى: { وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ ٱلأَرْضِ } أي من الثمار والحبوب { وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ } أي لا تعمدوا إلى رديء المال [فتصدقوا] منه وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حثّ الناس على الصدقة فجعل الناس يأتون بالصدقة ويجمعون في المسجد فجاء رجل بعذق من تمر عامته حشف فنزلت هذه الآية: { وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ } يعني لا تعمدوا إلى الخشف [فتتصدقوا] منه { وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ } [بل] الطيب { إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } يعني إلا أن يهضم أحدكم فيأخذ دون حقه مخافة أن يذهب جميع حقه فيأخذ ذلك للضرورة مخافة موت حقه والله تعالى غني عن ذلك فلا يقبل إلا الطيب. ويقال: (إلا أن تغمضوا) يعني إلا أن يضطر أحدكم فمسته الحاجة فرضي بذلك. قوله تعالى: { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي غني عما عندكم من الصدقات حميد في أفعاله. ويقال حميد بمعنى محمود ويقال: حميد من أهل أن يحمد ويقال: حميد يقبل القليل ويعطي الجزيل.