وبشّر يا أكمل الرسل { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } معتقدين أنهم مستخلفون عن الله فيها لا مالكون لها { ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى } لاعتقادهم الاستخلاف والنيابة { لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ } المستخلف لهم لا يدرك مقداره وكيفيته أحد من خلقه { وَ } بعدما أنفقوا على الوجه المذكور { لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } من الحساب والعقاب الأخروي { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 292] من فوات الأجرة بل لهم عند ربهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } رد جميل للسائل ناشئ من حسن الخلق { وَمَغْفِرَةٌ } من الله بعد رده متحسراً على نعمة الإنفاق { خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى } إذ بذلك القول يجرى الثواب وبتلك الصدقة يستحق العقاب { وَٱللَّهُ غَنِيٌّ } عن إنفاقكم بالمن والأذى للفقراء الذين هم من عيال الله { حَلِيمٌ } [البقرة: 263] لا يعجل بمؤاخذة من يمن ويؤذي. { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله الغني الحليم مقتضى إيمانكم أن { لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم } عند الله { بِٱلْمَنِّ وَٱلأَذَىٰ } حتى لا تعاقبوا عليها بأشد العقاب { كَ } الكافر { ٱلَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَ } الحال أنه { لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعد لجزاء الأعمال { فَمَثَلُهُ } أي: مثل المرائي في أنفاقه في يوم الجزاء { كَمَثَلِ صَفْوَانٍ } حجرٍ أملسٍ { عَلَيْهِ تُرَابٌ } اجتمع من هبوب الرياح فطرح فيه البذور لتنبت وتثمر { فَأَصَابَهُ وَابِلٌ } مطر عظيم القطر { فَتَرَكَهُ صَلْداً } أملس كما كان، وذهب بالبذور والتراب إلى حيث { لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ } تحصيل { شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ } وبذروا عليه { وَٱللَّهُ } الهادي للكل { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } [البقرة: 264] المبطلين بالمن والأذى حكمة الله المتعلقة لتربية الفقراء وتقوية العجز والضعف، فلا بد للمؤمن أن يجتنب عن أمثاله.