{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } أي: من على ظهر الأرض هالك { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } أي: ذاته الكريمة { ذُو ٱلْجَلاَلِ } أي: العظمة والعلوّ والكبرياء { وَٱلإِكْرَامِ } أي: التفضل العام، وهذه الآية كآية{ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [القصص: 88]. ولما كان فناء الخلق سبباً لبعثهم للنشأة الأخرى التي يظهر بها المحق من المبطل، وينقلب الأول بالثواب، ويبوء الآخر بالعقاب، وذلك من أعظم النعم التي يشمل فيها العدل الإلهي للمكلفين - قال سبحانه: { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }. وقد أشار الرازيّ: إلى ما في قوله تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } من الفوائد، بقوله: فيه فوائد: منها: الحث على العبادة، وصرف الزمان اليسير إلى الطاعة. ومنها: المنع من الوثوق بما يكون للمرء، فلا يقول - إذا كان في نعمة - إنها لن تذهب فيترك الرجوع إلى الله، معتمداً على ماله وملكه. ومنها: الأمر بالصبر إن كان في ضر، فلا يكفر بالله معتمداً على أن الأمر ذاهب، والضرر زائل. ومنها: ترك اتخاذ الغير معبوداً، والزجر عن الاغترار بالقرب من الملوك، وترك التقرب إلى الله تعالى؛ فإن أمرهم إلى الزوال قريب. ومنها: حسن التوحيد، وترك الشرك الظاهر والخفيّ جميعاً؛ لأن الفاني لا يصلح لأن يعبد.