قوله عز وجل: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ } البراء مصدر موضع الوصف، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، فكأنه قال إنني بريء. { مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي } وهذا استثناء منقطع وتقديره، لكن الذي فطرني أي خلقني: { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } وقيل فيه محذوف تقديره إلا الذي فطرني لا أبرأ منه { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } قال ذلك ثقة بالله وتنبيهاً لقومه أن الهداية من ربه. قوله عز وجل: { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيةً فِي عَقِبِهِ } فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: لا إله إلا الله، لم يزل في ذريته من يقولها، قاله مجاهد، وقتادة. الثاني: ألا تعبدوا إلا الله، قاله الضحاك. الثالث: الإسلام، لقوله تعالى: { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } قاله عكرمة. وفي { عَقِبِهِ } ثلاثة أوجه: أحدها: ولده، قاله عكرمة. الثاني: في آل محمد صلى الله عليه وسلم، قاله السدي. الثالث: من خلفه، قاله ابن عباس. { لَعَلَّهُم يَرْجِعُونَ } فيه أربعة أوجه: أحدها: يرجعون إلى الحق، قاله إبراهيم. الثاني: يتوبون، قاله ابن عباس. الثالث: يذكرون، قاله قتادة. الرابع:يرجعون إلى دينك الذي هو دين إبراهيم، قاله الفراء. قوله عز وجل: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ } أما القريتان فإحداهما مكة والأخرى الطائف. وأما عظيم مكة ففيه قولان: أحدهما: أنه الوليد بن المغيرة، قاله ابن عباس. الثاني: عتبة بن ربيعة، قاله مجاهد. وأما عظيم الطائف ففيه أربعة أقاويل: أحدها: أنه حبيب بن عمر الثقفي، قاله ابن عباس. الثاني: [عمير] بن عبد ياليل، [الثقفي] قاله مجاهد. الثالث: عروة بن مسعود، قاله قتادة. الرابع: أنه كنانة [عبد] بن عمرو، قاله السدي. قوله عز وجل: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } يعني النبوة فيضعوها حيث شاءوا. { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنَْيَا } يعني أرزاقهم، قال قتادة: فتلقاه ضعيف القوة قليل الحيلة عيي اللسان وهو مبسوط له، وتلقاه شديد الحيلة بسيط اللسان وهو مقتر عليه. { وَرَفَعَنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } فيه خمسة أوجه: أحدها: بالفضائل، فمنهم فاضل ومنهم مفضول، قاله مقاتل. الثاني: بالحرية والرق، فبعضهم مالك وبعضهم مملوك. الثالث: بالغنى والفقر، فبعضهم غني، وبعضهم فقير. الرابع: بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الخامس: قاله السدي، التفضيل في الرزق إن الله تعالى قسم رحمته بالنبوة كما قسم الرزق بالمعيشة. { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } فيه وجهان: أحدهما: يعني خدماً، قاله السدي. الثاني: ملكاً، قاله قتادة. { وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } فيه أربعة أوجه: أحدها: أن النبوة خير من الغنى. الثاني: أن الجنة خير من الدنيا. الثالث: أن إتمام الفرائض خير من كثرة النوافل. الرابع: أن ما يتفضل به عليهم خير مما يجازيهم عليه من أعمالهم، قاله بعض أصحاب الخواطر.