قوله تعالى: { قُلْ } أي: قل لكفار مكة محتجاً عليهم: { مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } المطر { وَٱلأَرْضِ } النبات والثمر، { قُلِ ٱللَّهُ } فإنهم لا جواب لهم سواه، فلا حاجة لك إلى استنطاقهم به. قوله تعالى: { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } كلام وارد مورد الإنصاف كقوله تعالى:{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [العنكبوت: 52]، وكقول حسان:
........................
فشرُّكُما لخيركُما الفداء
وقال الزجاج: رُوي في التفسير: " وإنا لعلى هدى وإنكم لفي ضلال مبين " ، وهذا في اللغة غير جائز، ولكنه في التفسير يؤول إلى هذا المعنى. والمعنى: إنا لعلى هدى أو في ضلال مبين، أو إنكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، وهذا كما يقول القائل: إذا كانت الحال تدل على صدقه، [أحدُنا صادق وأحدُنا كاذب، والمعنى]: أحدنا [صادق] أو كاذب. وما بعده ظاهر أو مفسر إلى قوله تعالى: { قُلْ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ }. قال الزجاج: معناه: [ألحقتموهم] به، ولكنه حذف؛ لأنه في صلة " الذين ". قال الزمخشري: فإن قيل: ما معنى قوله: " أروني " وكان يراهم ويعرفهم؟ قلت: أراد بذلك أن يريهم الخطأ العظيم في إلحاق الشركاء بالله، وأن يقايس على أعينهم بينه وبين أصنامهم ليطلعهم على إحالة القياس إليه والإشراك به. ويحتمل عندي: أن يكون هذا على مذهب العرب في الازدراء بالرأي، كقول الشاعر:
ولو أني بليت بهاشمي
خؤولته بنو عبد المدان
لهان عليّ ما ألقى ولكن تعالي فانظري بمن ابتلاني { كَلاَّ } ردع وزجر لهم عن مذهبهم الذي لا يثبت على محك النظر، ولا عند حاكم العقل.