قوله - عز وجل -: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } الأشد: هو اشتداد كل شيء ونهاية كل نوع في الكمال يحتمل أشده: انتهاء بلوغه أو انتهاء شبابه، أو انتهاء عقله في التمام؛ لا يخلو من هذه الوجوه الثلاثة. وقوله أهل التأويل: من ثماني عشرة سنة إلى أربعين؛ لأنه به يتم ويكمل كل نوع من ذلك إلى ذلك، والله أعلم. وقوله - عز وجل -: { آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً }. يحتمل قوله: حكماً: الحكم بين الناس، والعلم: في الحكم. ويحتمل قوله: { حُكْماً } أي: أعطيناه النبوة، { وَعِلْماً }: علم الأحاديث وتأويلها؛ على ما تقدم ذكره. أو أن يكون إذا أعطاه الحكم أعطاه العلم، وإذا أعطاه العلم أعطاه الحكم. وقوله - عز وجل -: { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }. يحتمل: الإحسان في الأعمال؛ أي: عمل أعمالا حسنة صالحة. ويحتمل: الإحسان إلى الناس؛ أي: أحسن إليهم، أو أحسن إلى نفسه؛ لا يخلو من هذه الأوجه الثلاثة. أو أن يكون قوله: { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } أي: كذلك نجزي من أحسن صحبة نعم الله وإحسانه، وقام بشكر ذلك كذلك؛ أي: مثل الذي جزى يوسف لا يريد أنه يجزي غيره عين ما جزى يوسف، ولكن يجزيه جزاء الإحسان. وقوله - عز وجل -: { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ }. دل قوله: { فِي بَيْتِهَا } أن البيت قد يجوز أن يضاف إلى المرأة، وإن كان البيت في الحقيقة لزوجها؛ على ما أضاف بيت زوجها إليها. وقوله: { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ } المراودة: قيل: هي الدعوة والطلبة، راودته، أي: دعته إلى نفسها. وقال أهل التأويل: { وَرَاوَدَتْهُ } أي: أرادته. { وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ }. قيل: إن هذه كلمة أخذت من الكتب المتقدمة، ليست بعربية، ونحن لا نعرف ما أرادت بها، لكن أهل التأويل قال بعضهم: هلم لك. وقال بعضهم: تهيأت لك. وفي بعض القراءات: (هئت لك) بالهمز، ومعناه ما ذكرنا؛ أي: تهيأت لك. ويشبه أن يكون قوله: { هَيْتَ لَكَ }: هأنا لك. { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ }. أي: أعوذ بالله وألجأ إليه. { إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ }. قال أهل التأويل: { رَبِّيۤ } أي: سيدي الذي اشتراه { أَحْسَنَ مَثْوَايَ } أي: أكرم مقامي ومكاني؛ دليله: قوله لزوجته: { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ } ، هذا يدل أن قوله: { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ } أي: أحسني مثواه، ولكن يشبه أن يكون أراد بقوله: { إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ } ربّه الذي خلقه. وقوله - عز وجل -: { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } بظلمهم وقت ظلمهم، والمثوى: الموضع الذي يثوى فيه، والثواء: المقام، والثاوي: المقيم، و { مَعَاذَ ٱللَّهِ } قيل: أعوذ بالله، وألجأ إليه، وأتحصن به. أو: لا يفلح الظالمون: إذا ختموا بالظلم، وأما إذا انقعلوا عنه فقد أفلحوا. وقوله - عز وجل -: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ }.