الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

القراءة:

قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، ويعقوب. والكسائي عن أبي بكر { يتسنّ } بحذف الهاء وفي الوقف باثباتها بلا خلاف. قرأ ابن عامر وأهل الكوفة { ننشزها } بالزاي الباقون بالراء. وقرأ حمزة الكسائي { قال اعلم } بهمزة موصولة الباقون بقطعها.

الاعراب:

هذه الآية معطوفة على الآية الأولى وتقديره أرأيت كـ { الذي حاج إبراهيم في ربه } وكـ { الذي مر على قرية } وموضع الكاف نصب بـ (تر) ومعناه التعجب منه لأن كلما خرج في بابه يعظمه عن حد نظائره مما يتعجب منه نحو (ما أجهله) أي قد خرج بعظم جهله عن حد نظائره، وكذلك لو قلت: هل رأيت كزيد الجاهل، لدللت على مثل الأول في التعجب، لما بينا إلا أن (ما أفعله) صيغة موضوعة للتعجب، وليس كذلك هل رأيت لأنها في الأصل للاستفهام، ونحو قولك: هل رأيت في الدنانير مثل هذا الدينار فهذا استفهام محض لا تعجب فيه، لأن أمثاله كثير، فلم يخرج بعظم حاله عن حد نظائره، كما خرج الأول بعظم جهله. وقيل: الكاف زائدة للتوكيد، كما زيدت في ليس كمثله شيء والأول الوجه، لأنه لا يحكم بالزيادة إلا للضرورة.

المعنى:

وقال قتادة والربيع: الذي مر على قرية هو عزير، وروي ذلك عن أبي عبد الله (ع). وقال وهب بن منبه: هو أرميا، وهو المروي عن أبي جعفر (ع). وقال ابن إسحاق: هو الخضر، والقرية التي مرّ عليها. قال وهب بن منبه، وقتادة، والربيع هي بيت المقدس لما خر به بخت نصر، وقال ابن زيد: هي القرية التي خرج منها الألوف { حذر الموت }. وقوله: { وهي خاوية } معناه خاليه. وقال ابن عباس، والربيع، والضحاك خراب. قال قوم: معناه وهي قائمة على أساسها وقد وقع وقد وقع سقفها. وأصل الخواء الخلاء قال الراجز:
يبدو خواء الارض من خوليه   
والخواء: الفرجة بين الشيئين يخلو ما بينهما. وخوت الدار فهي خاوية. تخوي خواء. إذا باد أهلها بخلوها منهم والخوى: الجوع، خوى يخوى خوى: يخلو البطن من الغذاء. والتخوية التفريج بين العضدين والجبينين يخلو ما بينهما بتباعدهما. والتخوية تمكين البعير لنفسه في بروكه، لأنه تفحصه الأرض بخلوها مما يمنع من تمكنه. واخواء النجم: سقوطه من غير مطر بخلوه من المطر. خوى النجم واخوى. وخوى المنزل إذا تهدم، لانه بتهدمه يخلو من أهله وأصل الباب الخلو.

وقوله: { على عروشها } يعني على أبنيتها ومنهوما كانوا يعرشون } أي يبنون. ومنه عريش مكة: أبنيتها وخيامها، وكل بناء: عرش، عرش يعرِش ويعرُش عرشاً: إذا بنى. والعرش البيت، وجمعه عروش لارتفاع أبنيته. والعرش: السرير، لارتفاعه على غيره. وعرش الرجل: قوام أمره وعرش البيت: سقفه، لارتفاعه. والتعريش جعل الخشب تحت الكرم ليمتد عليه.

السابقالتالي
2 3 4