قوله: { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ } إلى قوله: { فِي حُكْمِهِ أَحَداً }. معناه: ويقولون لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين. هذا حكاية عن قول أهل الكتاب، فرد الله [عز وجل] ذلك عليهم. وقال: [الله] لنبيّه [صلى الله عليه وسلم] { قُلِ [ٱللَّهُ] أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ } الآية. قال: قتادة: وفي حرف ابن مسعود " [و] قالوا: { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ }. وقال مجاهد والضحاك: هو خبر من الله [عز وجل] عن مبلغ لبثهم في الكهف ولما قال: { وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } قالوا سنين أو ليال أو غيرها فأنزل الله: { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ } الآية. وقيل: إن أهل الكتاب قالوا [على] عهد النبي [صلى الله عليه وسلم]: إن للفتية من لدن دخلوا الكهف إلى عصرنا هذا ثلاث مائة سنة وتسع سنين، فرد الله [عز وجل] عليهم وأعلم نبيّه أن قدر لبثهم في الكهف إلى أن بعثوا ثلاث مائة سنة وتسع. ثم قال: تعالى لنبيّه [عليه السلام]. { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ }. [أي] بعد أن بعثهم وقبض أرواحهم إلى يومهم هذا لا يعلم مقدار ذلك إلا الله. ومن نوَّن " مائة " جعل " سنين " بدلاً من " ثلاث " أو يكون عطف بيان على " ثلاث ". وقيل: هو نعت لمائة لأن مائة في معنى جمع. وحكى بعض أهل اللغة أن العرب إذا نونت العدد أتت بعده بحمع يفسره، فيقولون: عندي ألفٌ دراهم [وثلاثمائة دراهم] وألف رجالاً، فيكون " سنين " على هذا القول تفسيراً. ومن أضاف، أتى بالعدد على أصله. لأنا إذا قلنا عندي مائة درهم فمعناه مائة من الدراهم. فالجمع هو الأصل فأتى به في هذه القراءة على الأصل /. [و] قوله: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ }. أي: أعلم بلبثهم من المختلفين في ذلك. وقيل: أعلم بمعنى عالم. وقوله { وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً }. أي: تسع سنين. ولا يحسن أن يكون تسع ساعات ولا تسع ليال، لأن العدد إذا فسر في صدر الكلام [جرى] آخره [على] ذلك التفسير. تقول عندي مائة درهم وخمسة. فتكون " الخمسة " دراهم أيضاً، لدلالة ما تقدم من التفسير على ذلك. ثم قال: { لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }. أي: له علم ذلك وملكه لا يشاركه فيه أحد. ثم قال: { أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ }. أي: ما أبصر الله [جلت عظمته] واسمعه لا يخفى عليه شيء { مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ } أي ليس لخلقه دون ربهم ولي يلي تدبيرهم ولا ينقذهم من عذاب الله [سبحانه] إذا جاءهم. { [وَ] " لاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }. أي: ليس يشرك الله [عز وجل] في تدبيره لعباده أحداً ولا يظهر على غيبه أحداً. وقيل معناه: لا يجوز أن يحكم حاكم إلا بما حكم الله [عز وجل] أو بما دل عليه حكمه، وليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه فيكون لله [سبحانه] شريكاً في حكمه. فأما من قرأه بالتاء والجزم، فمعناه: لا تنسبن أحداً إلى أنه يعلم الغيب ويلي تدبير الخلق.