قوله عز وجل: { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني قريشاً. { وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } يعني منعوكم عن المسجد الحرام عام الحديبية حين أحرم النبي صلى الله علي وسلم مع أصحابه بعمرة. { وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: محبوساً. الثاني: واقفاً. الثالث: مجموعاً، قاله أبو عمرو بن العلاء. { أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } فيه قولان: أحدهما: منحره، قاله الفراء. الثاني: الحرم، قال الشافعي، والمحِل بكسر الحاء هو غاية الشيء، وبالفتح هو الموضع الذي يحله الناس، وكان الهدي سبعين بدنة. { وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمْوهُمْ } أي لم تعلموا إيمانهم. { أَن تَطَئُوهُمْ } فيه قولان: أحدهما: أن تطئوهم بخيلكم وأرجلكم فتقتلوهم، قاله ابن عباس. الثاني: لولا من في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم من رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم يعلموهم أن يطئوا آباءهم فيهلك أبناؤهم، قاله الضحاك. { فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ } فيها ستة أقاويل: أحدها: الإثم، قاله ابن زيد. الثاني: غرم الدية، قاله ابن إسحاق. الثالث: كفارة قتل الخطأ، قاله الكلبي. الرابع: الشدة، قاله قطرب. الخامس: العيب. السادس: الغم. قوله عز وجل: { لَوْ تَزَيَّلُواْ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لو تميزوا، قاله ابن قتيبة. الثاني: لو تفرقوا، قاله الكلبي. الثالث: لو أزيلوا، قاله الضحاك حتى لا يختلط بمشركي مكة مسلم. { لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً ألِيماً } وهو القتل بالسيف لكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار. قوله عز وجل: { إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } يعني قريشاً. وفي حمية الجاهلية قولان: أحدهما: العصبية لآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، والأنفة من أن يعبدوا غيرها، قاله ابن بحر. الثاني: أنفتهم من الإقرار له بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم على عادته في الفاتحة، ومنعهم له من دخول مكة، قال الزهري. ويحتمل ثالثاً: هو الاقتداء بآبائهم، وألا يخالفوا لهم عادة، ولا يلتزموا لغيرهم طاعة كما أخبر الله عنهم{ إِنَّا وَجَدْنَا أَبَاءنا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [الزخرف: 23]. { فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤمِنِينَ } يعني الصبر الذي صبروا والإجابة إلى ما سألوا، والصلح الذي عقدوه حتى عاد إليهم في مثل ذلك الشهر من السنة الثانية قاضياً لعمرته ظافراً بطلبته. { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } فيها أربعة أوجه: أحدها: قول لا إله إلا الله، قاله ابن عباس، وهو يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. الثاني: الإخلاص، قاله مجاهد. الثالث: قول بسم الله الرحمن الرحيم، قاله الزهري. الرابع:قولهم سمعنا وأطعنا بعد خوضهم. وسميت كلمة التقوى لأنهم يتقون بها غضب الله. { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا } يحتمل وجهين: أحدهما: وكانوا أحق بكلمة التقوى أن يقولوها. الثاني: وكانوا أحق بمكة أن يدخلوها. وفي من كان أحق بكلمة التقوى قولان: أحدهما: أهل مكة كانوا أحق بكلمة التقوى أن يقولوها لتقدم إنذارهم لولا ما سلبوه من التوفيق. الثاني: أهل المدينة أحق بكلمة التقوى حين قالوها، لتقدم إيمانهم حين صحبهم التوفيق.