{ إنا بلوناهم } امتحنا أهل مكَّة بالقحط والجوع { كما بلونا أصحاب الجنة } كما امتحنَّا أصحاب البستان بإحراقها وذهاب قوتهم منها، وكانوا قوماً بناحية اليمن، وكان لهم أبٌ وله جنَّةٌ كان يتصدَّق فيها على المساكين، فلمَّا مات قال بنوه: نحن جماعةٌ، وإنْ فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر، فحلفوا ليقطعنَّ ثمرها بسدفةٍ من اللَّيل كيلا يشعر المساكين فيأتوهم، وهو قوله: { إذْ أقسموا ليصرمنها مصبحين }. { ولا يستثنون } ولا يقولون إن شاء الله. { فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون } أَيْ: أنزل الله عليها ناراً أحرقتها. { فأصبحت كالصريم } كاللَّيل المُظلم سوداء. { فتنادوا مصبحين } نادى بعضهم بعضاً لمَّا أصبحوا ليخرجوا إلى الصِّرام، وهو قوله: { أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين } قاطعين الثَّمر. { فانطلقوا } ذهبوا إليها { وهم يتخافتون } يتسارُّون الكلام بينهم. بـ { أن لاَّ يدخلنها اليوم عليكم مسكين }. { وغدوا على حرد } قصدٍ وجدٍّ { قادرين } عند أنفسهم على ثمر الجنَّة. { فلما رأوها } سوداء محترقةً { قالوا إنَّا لضالون } مُخطئون طريقنا، وليست هذه جنَّتنا، ثمَّ علموا أنَّها عقوبةٌ من الله تعالى فقالوا: { بل نحن محرومون } حُرمنا ثمر جنَّتنا بمنعنا المساكين.