قوله تعالى: { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } إلى آخر السورة. أي: وألم تر - يا محمد - كيف فعل ربك بثمود - وهم قوم صالح - الذين نقبوا الصخر وخرقوه واتخذوه بيوتا؟! وهو قوله:{ وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ } [الحجر: 82]. والعرب تقول: " جاب فلان [الفلاة] يجوبها جوْباً " إذا دخلها وقطعها. قال ابن عباس: { جَابُواْ ٱلصَّخْرَ } ، أي: خرقوها، يعني: قوم صالح كانوا ينحتون من الجبال (بيوتا). قال مجاهد: " جابوا الجبال فجعلوها بيوتا ". ثم قال تعالى: { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } أي: أو لم تر، يا محمد، فعل ربك بفرعون ذي الأوتاد؟! قال ابن عباس: الأوتاد هنا " الجنود الذين يشدون له أمره ". وقيل: معناه ذي الجنود الكثيرة الذين يحتاجون [لضرب] الأوتاد في أسفارهم. وقال مجاهد: وصف بذلك، لأنه كان [يتد أوتاد] الحديد في أيدي الناس وأرجلهم يقتلهم بها. وقال قتادة: وصف بذلك، لأنه كانت [له مظال] وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد [وحبال]. وروى ثابت البناني عن أبي رافع أن فرعون " وتد لامرأته (أربعة) أوتاد، ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت ". وقال ابن جبير: وصف بذلك: لأنه كان يعذب الناس بالأوتاد، قال: [فكان] يجعل رجلاً هاهنا ورجلاً هاهنا، ويداً هاهنا [ويدا] هاهنا بالأوتاد، وقاله مجاهد أيضاً. وعن ابن جبير أيضاً أنه إنما وصف بذلك، لأنه كان له بنيان يعذب الناس عليه، قال: كان له منارات يعذب الناس عليها. وقوله: { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } أي: تجاوزوا حدود الله عتوا على ربهم في البلاد التي كانوا بها فأكثروا في تلك البلاد الفساد بركوبهم المعاصي. ثم قال تعالى: { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } أي: فأنزل بهم ربك (يا محمد) عذابه نقمة منه لهم لكفرهم، يعني جميع من تقدم ذكره من الكفرة. والعرب تقول لكل عذاب شديد عذب به المعذب: سوط خزي. فقوله: { سَوْطَ عَذَابٍ } ، واقع على أنواع (من العذاب عذب الله بها هذه الأمم) المذكورة في الدنيا فأهلكهم بها. [وكذا حكى الماوردي: { سَوْطَ عَذَابٍ } أي: خلط عذاب لأنه أنواع]. قال مجاهد: { سَوْطَ عَذَابٍ } " ما عذبوا به ". وهو قول ابن زيد (وغيره). ثم قال تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } أي: إن ربك يا محمد لهؤلاء الذين قصصت عليك قصصهم ولغيرهم من أمثالهم لبالمرصاد يرصدهم على قناطر جهنم فيكردسهم فيها إذا وردوها يوم القيامة. وقيل: معناه: لا يفوته هارب. وقال ابن عباس: { لَبِٱلْمِرْصَادِ } أي: " يسمع ويرى ". وقال الضحاك: إذا كان يوم [القيامة] يأمر الله عز وجل بكرسيه فيوضع على النار فيستوي عليه ويقول: " وعزتي لا يجاوزني اليوم (ذو) مظلمة ".