وقوله تعالى: { يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَـٰفِرَةِ } حكايةُ حالِهم في الدنيا، والمعنَى: هم الذينَ يقولونَ، و { ٱلْحَـٰفِرَةِ }: قال مجاهد والخليل: هي الأرضُ، حافرة بمعنى مَحْفُورَة، والمرادُ: القبورُ والمعنى: أئنا لمردُودُون أحْيَاءً في قبورِنا؟، وقيل غير هذا، و { نَّخِرَةً } معناه بالية، وقرأ حمزة «نَاخِرَةٌ» بألف، والنَّاخِرةُ المصوِّتَةُ بالريحِ المُجَوَّفَة، وحُكِيَ عَنْ أبي عُبَيْدَة وغيره: أن الناخرةَ والنَّخِرَةَ بمعنًى واحد، وقولهم: { تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَـٰسِرَةٌ } أي: إذ هي إلى النارِ لتكذيبِهم بالبعثِ، وقال الحسن: { خَـٰسِرَةٌ } معناه عندَهم كاذبة، أي: ليست بكائِنةٍ، ثم أخبر تعالى عن حالِ القيامةِ فقال: «إنما هي زجرة واحدة» أي: نفخةٌ في الصور، { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } وهي أرضُ المحشر.
وقوله: { هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } اسْتِدْعَاءٌ حسنٌ، والتزكِّي: التَّطهرُ من النَقَائِص، والتلبُّسِ بالفَضَائِل، ثم فَسَّر لَه موسى التزكِّي الذِي دَعَاه إليه بقوله: { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } والعلمُ تابعٌ للهدى، والخَشْيَةُ تابعةٌ للعِلْمِ،{ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } [فاطر:28] { ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } العَصَا واليدُ؛ قاله مجاهد وغَيره: و { أَدْبَرَ }: كِنَايَةً عن إعْرَاضِه، وقيل: حقيقةً قَامَ مُوَلِّيًا عن مُجَالَسَةِ موسى، { فَحَشَرَ } أي: جمع أهل مملكتِه، وقولُ فرعونَ: { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } نهايةٌ في السِّخَافَةِ والمَخْرَقَةِ، قال ابن زيد: { نَكَالَ ٱلأَخِرَةِ } أي: الدار الآخرة، و { ٱلأُولَىٰ }: يعني: الدنيا، أخَذَه اللَّهُ بعذابِ جهنَّمَ وبالغَرَقِ، وقيل غيرُ هذا، ثم وقفهم سبحانه مخاطبةً مِنْه تعالى للعَالَم؛ والمقصدُ الكفارُ فقال: { ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً... } الآية، والسَّمْكُ: الارْتِفَاعُ، الثعلبي: والمعنى: أأنتم أيها المنكرونَ للبعثِ أشَدُّ خلقاً أم السَّماءُ أشد خلقاً، ثم بيَّن كَيْفَ خَلَقَها، أي: فالذي قَدِرَ على خَلْقِها قادرٌ على إحيائِكم بعدَ الموتِ، نظيره:{ أَوَ لَيْسَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } [يس:81] انتهى، و { أَغْطَشَ } معناه: أظْلَمَ.