{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ } [إبراهيم: 18] اختلفت النحاة في رفع مثل، قال الفراء: أضاف المثل إلى الكافرين والمثل للأعمال؛ لأن العرب تقدم الأسماء؛ لأنها أعرف ثم تأتي بالخبر الذي يخبر عنه مع صاحبه، ومجاز الآية { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَاد } ، قوله:{ ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } [السجدة: 7] أي أحسن خلق كل شيء وقوله{ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } [الزمر: 60]معناه يوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة سيئة، في الآية إضمار معناها ولا يمنّ عليك مثل الذين كفروا بربهم، ثم ابتدأ وأخذ يفسره فقال: أعمالهم { كَرَمَادٍ } وإن شئت جعلت المثل صفة فقلت الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد { ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } وصف اليوم بالعصوف وهو من صفة الريح؛ لأن الريح تكون فيه كما يقال يوم بارد وحار؛ لأن البرد والحر يكونان فيه، وليل نائم ونهار صائم. قال الله{ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } [يونس: 67] ويدلّ عليه الليل والنهار. قال الشاعر:
يومين غيمين ويوماً شمساً
وقال الفراء: إن شئت قلت: في يوم في عصوف وإن شئت قلت: في يوم عاصف الريح، تحذف الريح؛ لأنها قد ذكرت قبل ذلك. كقول الشاعر:
إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف
أراد كاسف الشمس. وقيل هو من نعت الريح غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل [حجر ضب خرب] ونحوه، وهذا مثل ضربه الله لأعمال الكافر يعني هم لا ينتفعون بأعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ لأنهم أشركوا فيها كما أنّ الرماد الذي فرّقه الريح لا ينتفع به. فذلك قوله { لاَّ يَقْدِرُونَ } يعني الكفار { مِمَّا كَسَبُواْ } في الدنيا { عَلَىٰ شَيْءٍ } في الآخرة { ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ }. قرأ أهل الكوفة إلاّ عامر: خالق السماوات والأرض على التعظيم. وقرأ الآخرون: خلق السماوات على الفصل { بِٱلْحقِّ } قال المفسرون: لم يخلقهما باطلا وإنما خلقهما لأمر عظيم. { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } يبدلكم أحسن وأفضل وأطوع منكم، { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } منيع متعذر { وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعاً } خرجوا من قبورهم وظهروا لله جميعاً، الاستقبال { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ } يعني الأتباع { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ } يعني المتبوعين من القادة { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } جمع تابع مثل حارس وحرس، وقيل: راصد ورصد ونافر ونفر، ويجوز أن يكون تبع مصدراً سمي به أي كنا ذوي تبع. { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } أي هل أنتم ودافعون عذاب الله عنا، قال المتبوعين { قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ } إلى قوله { مِن مَّحِيصٍ } مهرب ولا منجى، ويجوز أن يكون بمعنى المصدر وبمعنى الإسم. يقال حاص فلان عن كذا أي فرّ وزاغ عنه يحيص حيصاً وحيوصاً وحيصاناً.