{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي: قرب انقضاء عدتهن { فَأَمْسِكُوهُنَّ } أي: فعليكم بعدما قرب انقضاء مدة العدة أن تراجعوهن فيها وتمسكوهن { بِمَعْرُوفٍ } مستحسن عقلاً وشرعاً { أَوْ سَرِّحُوهُنَّ } وفارقوهن { بِمَعْرُوفٍ } حتى لا يتضررن بعدم الزواج وطول المدة { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ } أي: ولا تراجعوهن { ضِرَاراً } أي: بمجرد أن تضروهن { لِّتَعْتَدُواْ } أي: تبقوا مدة طويلة بلا محبة ومودة حتى يأتيهن الموت كما يفعله الجهال غيره وحمية { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ } الفعلة منكم { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } بتعريضها على عقاب الله بإبطال حكمته وتعطيل محل خلقه وقدرته.
{ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ } أيها المؤمنون { آيَاتِ ٱللَّهِ } النازلة عليكم { هُزُواً } تتهاونون عليها وتأخذونها سهلاً، احذوا عن انتقامه { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ } المنعمة { عَلَيْكُمْ } واشكروا لها { وَ } خصوصاً { مَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ } لإصلاح حالكم { مِّنَ ٱلْكِتَابِ } المبين لكم طريق المعاش في النشأة الأولى { وَٱلْحِكْمَةِ } الموصلة إلى ذروة التوحيد في النشأة الأخرى لكي { يَعِظُكُمْ بِهِ } فعليكم أن تتعظوا وتتذكروا به { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } عن مساخطته وانتقاماته ولا تتجاوزوا عن حدوده المبينة في كتابه { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ } المحيط بكم وبحالاتكم { بِكُلِّ شَيْءٍ } صدر عنكم من الخير والشر والنفع والضر العائد لنفوسكم { عَلِيمٌ } [البقرة: 231] بالعلم الحضوري، لا يعرب عن علمه شيء مما ظهر وكان، ويظهر ويكون.
{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ } أيها المؤمنون { ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ } بعد الطلاق { أَجَلَهُنَّ } من المعدة المفروضة المقدرة لاستبراء الرحم { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } أي: لا تحبسوهن ولا تعيروهن إن أردن { أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ } كما يفعله الجهال من الحمية الجاهلية { ذٰلِكَ } التذكر والعظمة المنزلة من عند الله { يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } بجميع ما أنزل من الأحكام والمواعظ { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } بجميع ما فيه من النكال والعذاب والحساب العقاب { ذٰلِكُمْ } أي: الأحكام والمواعظ والأخلاق والآداب { أَزْكَىٰ لَكُمْ } لتزيكة نفوسكم من الأهواء والآراء الباطلة { وَأَطْهَرُ } لقلوبكم عن متابعتها { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ } مصالح عباده { وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 232] فعليكم الامتثال والانقياد على وجه التعبد.