{ وفتحت } سماء الروح عند العود إلى البدن بأبواب الحواس الظاهرة والباطنة { فكانت أبواباً } أي: ذات أبواب كثيرة هي طرق الشعور كأنه كلها أبوابها لكثرتها. { وسيرت } جبال الحجب الساترة لهيئاتهم وصفاتهم عن الأعين الحاجزة عن ظهورها من الأبدان والأعضاء العارضة دون تلك الهيئات التي ظهرت في المحشر { فكانت سراباً } كقوله تعالى:{ فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } [الواقعة، الآية:6] أي: صارت شيئاً كلا شيء في انبثاثها وتفرّق أجزائها. { إنّ جهنم } الطبيعة { كانت مرصاداً } حدّاً يرصد فيه كل أحد، يرصدهم عندها الملائكة، أما السعداء فلمجاوزتهم وممرّهم عليها لقوله تعالى:{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } [مريم، الآيات:71 - 72]. " وعن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الآية فقيل له: أنتم أيضاً واردوها؟ فقال: " جزناها وهي خامدة " وأما الأشقياء فلكونها مآبهم كما قال: { للطاغين مآباً } وكقوله:{ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [مريم، الآية:72]. { لابثين فيها أحقاباً } أزمنة متطاولة متتابعة إما غير متناهية إن كانت الاعتقادات باطلة فاسدة أو متناهية بحسب رسوخ الهيئات إن كانت الأعمال سيئة مع عدم الاعتقاد أو مع الاعتقاد الصحيح. { لايذوقون فيها برداً } روحاً وراحة من أثر اليقين { ولا شراباً } من ذوق المحبة ولذتها { إلا حميماً } من أثر الجهل المركب { وغساقاً } من ظلمة هيئات محبة الجواهر الفاسقة والميل إليها { جزاء } موافقاً لما ارتكبوه من الأعمال وقدموه من العقائد والأخلاق. { إنهم كانوا لا يرجون حساباً } أي: ذلك العذاب لأنهم كانوا موصوفين بهذا الرذائل من عدم توقع المكافآت والتكذيب بالآيات والصفات أي: لفساد العمل والعلم فلم يعملوا صالحاً رجاء الجزاء ولم يعلموا علماً فيصدقوا بالآيات. { وكل شيء } من صور أعمالهم وهيئات عقائدهم ضبطناه ضبطاً بالكتابة عليهم في صحائف نفوسهم وصحائف النفوس السماوية. { فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً } أي: بسببها ذوقوا عذاباً يوازيها لا مزيد عليه فإنها بعينها معذبة لكم دون ما عداها. والمعنى: فذوقوا عذابها فإننا لن نزيدكم عليها شيئاً إلا التعذيب بها الذي ذهلتهم عنه.