الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }

{ قل } يا افضل الخلق { هو } تعالى وحده { الذى انشأكم } ايها الكفار كا دل عليه السباق والسياق ويندرج فيه الانسان الغافل ايضا اى انشأكم انشاء بريعا قابلا لجمع جميع الحقائق الالهية والكيانية وابتدأ خلقكم على احسن خلق بأن صوركم فأحسن صوركم { وجعل لكم السمع } واعطى لكم الاذن لتسموا آيات الله وتعملوا بمو جبها بل لتسمعوا الخطابات الغيبية من ألسنة الموجودات بأسرها فانها كلها تنطق نطق الانسان كما قال الله تعالىوان من شئ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } قيل لبرز جمهر من اكمل الناس قال من لم يجعل سمعه غرضا لفحشاء وقدم السمع لانه شرط النبوة ولذلك ما بعث الله رسولا اصم ولان فوآئد السمع اقوى بالنسبة الى العوام وان كانت فوآئد البصر اعلى بالنسبة الى الخواص ولان السمع مرتبة الخطاب عند انفتاح باب القلب والبصر مرتبة الرؤية ولا شك ان مرتبة الخطاب اقدم بالنسبة الى مرتبة الرؤية لان مرتبة الرؤية هى مرتبة التجلى فهى نهاية الامر ألا ترى انه عليه السلام سمع قبل النبوة صوت اسرافيل ولم ير شخصه واما بعدها فقد رأى جميع الملائكة وأم لهم ليلة المعراج عند السدرة بل ورأى الله تعالى بلا كيف فترقى من مرتبة الخطاب التى هى مرتبة الوحى الى مرتبة التجلى التى هى مرتبة الموحى { والابصار } لتنظروا بها الى الآيات التكوينية الشاهدة بشؤون الله تعالى ولتبصروا جميع مظاهره تعالى فى غاية الكمال ونهاية الاتقان { والافئدة } لتتفكروا بها فيما تسمعونه وتشاهدونه من الآيات التنزيلية والتكوينية وترتقوا فى معارج الايمان والطاعة بل لتقبلوا بها الواردات القلبية والالهامات الغيبية قال فى القاموس التوقد التحرق والتوقد ومنه الفؤاد للقلب مذكر والجمع افئدة انتهى وخص هذه الثلاثة بالذكر لان العلوم والمعارف بها تحصل كما فى الاسرار ولان القلب كالحوض حيث ينصب اليه ما حصل من طريق السمع والبصر { قليلا ما تشكرون } اى باستعمالها فيما خلت لاجله من الامور المذكورة وقليلا نعت لمحذوف وما مزيدة لتأكيد القلة اى شكرا قليلا او زمانا قليلا تشكرون وقيل القلة عبارة عن العدم قال سعدى المفتى القلة بمعنى النفى ان كان الخطاب للكفرة او بمعناها المعروف ان كان للكل يقال قلما افعل كذا اى لا أفعله قال بعضى العارفين
لو عشت ألف عام فى سجدة لربى شكر الفضل يوم لم اقض بالتمام والعام ألف شهر والشهر ألف يوم واليوم ألف حين والحين ألف عام   
قال بعضهم من وظائف السمع فى الشكر العلم من العلماء والحكماء والاصغاء الى الموعظة ونصح العقلاء والتقليد لاهل الحق والصواب ورد اقوال اهل البدعة والهوى ومن وظائف الابصار فيه النظر الى المصاحف وكتب الدين ومعابد المؤمنين ومسالك المسلمين والى وجوه العلماء والصالحين والفقرآء والمساكين بعين الرحمة والتفات المحسنين الى المصنوعات ونظر اصحاب اليقين وارباب الشوق والذوق والحنين الى غير ذلك مما فيه خير

السابقالتالي
2