{ وَأَنَّا لاَ نَدْرِى أَشَرٌّ } عذاب { أُرِيدَ بِمَن فِى ٱلأَرْضِ } بعدم استراق السمع { أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } خيراً ورحمة { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ } الأبرار المتقون { وَمِنَّا } قوم { دُونِ ذَلِكَ } فحذف الموصوف وهم المقتصدون في الصلاح غير الكاملين فيه أو أرادوا غير الصالحين { كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً } بيان للقسمة المذكورة أي كنا ذوي مذاهب متفرقة أو أديان مختلفة. والقدد جمع قدة وهي القطعة من قددت السير أي قطعته { وَأَنَّا ظَنَنَّا } أيقنا { أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ } لن نفوته { فِى ٱلأَرْضِ } حال أي لن نعجزه كائنين في الأرض أينما كنا فيها { وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } مصدر في موضع الحال أي ولن نعجزه هاربين منها إلى السماء، وهذه صفة الجن وما هم عليه من أحوالهم وعقائدهم { وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰ } القرآن { ءَامَنَّا بِهِ } بالقرآن أو بالله { فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ } فهو لا يخاف مبتدأ وخبر { بَخْساً } نقصاً من ثوابه { وَلاَ رَهَقاً } أي ولا ترهقه ذلة من قوله:{ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } [يونس: 27] وقوله:{ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } [يونس: 26]. وفيه دليل على أن العمل ليس من الإيمان { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ } المؤمنون { وَمِنَّا ٱلْقَـٰسِطُونَ } الكافرون الجائرون عن طريق الحق، قسط: جار وأقسط عدل { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً } طلبوا هدى والتحري طلب الأحرى أي الأولى { وَأَمَّا ٱلْقَـٰسِطُونَ فَكَانُواْ } في علم الله { لِجَهَنَّمَ حَطَباً } وقوداً، وفيه دليل على أن الجني الكافر يعذب في النار ويتوقف في كيفية ثوابهم { وَأَنْ } مخففة من الثقيلة يعني وأنه وهي من جملة الموحى أي أوحى إلى أن الشأن { لَوْ ٱسْتَقَـٰمُواْ } أي القاسطون { عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } طريقة الإسلام { لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّاءً غَدَقاً } كثيراً، والمعنى لوسعنا عليهم الرزق، وذكر الماء الغدق لأنه سبب سعة الرزق. { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنختبرهم فيه كيف يشكرون ما خولوا منه { وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبّهِ } القرآن أو التوحيد أو العبادة { يَسْلُكْهُ } بالياء: عراقي غير أبي بكر يدخله { عَذَاباً صَعَداً } شاقاً مصدر صعد يقال: صعد صعداً وصعوداً، فوصف به العذاب لأنه يتصعد المعذب أي يعلوه ويغلبه فلا يطيقه، ومنه قول عمر رضي الله عنه: ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح. أي ما شق عليّ. { وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ } من جملة الموحى أي أوحي إلى أن المساجد أي البيوت المبنية للصلاة فيها لله. وقيل: معناه ولأن المساجد لله فلا تدعوا على أن اللام متعلقة بـ { لاَّ تَدْعُواْ } أي { فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } في المساجد لأنها خالصة لله ولعبادته.