{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } ، يعني ثماني عشرة سنة، { آتَيْنَاهُ حُكْماً } ، يقول: أعطيناه فهماً، { وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [آية: 22]، يعني وهكذا نجزي المخلصين بالفهم والعلم. { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ } على نفسها وعلى يوسف في أمر الجماع، { وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ } ، يعني هلم لك نفسي، تريد المرأة الجماع، فغلبته بالكلام، { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ } ، يعني أعوذ بالله، { إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ } ، يقول: إنه سيدي، يعني زوجها، أكرم مثواي، يعني منزلتي، { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ } ، يعني لا يفوز { ٱلظَّالِمُونَ } [آية: 23] إن ظلمته في أهله، وألقى عليها شهوة أربعين إنساناً. { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } ، يقول: همت المرأة بيوسف حتى استلقت للجماع، { وَهَمَّ بِهَا } يوسف حين حل سراويله وجلس بين رجليها، { لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } ، يعني آية ربه لواقعها، والبرهان مثل له يعثوب عاض على إصبعه، فلما رأى ذلك، ولى دبراً واتبعته المرأة { كَذَلِكَ } ، يعني هكذا، { لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ } ، يعني الإثم، { وَٱلْفَحْشَآءَ } ، يعني المعاصي، { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ } [آية: 24] بالنبوة والرسالة، نظيرها{ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } [ص: 46]، يعني بالنبوة. { وَٱسُتَبَقَا ٱلْبَابَ } ، يوسف أمامها هارب منها، وهي ورائه تتبعه لتحبسه على نفسها، فأدركته قبل أن ينتهي إلى الباب، { وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ } ، يقول: فمزقت قميصه من ورائه حتى سقط القميص عن يوسف، { وَأَلْفَيَا } ، يقول: وجدا، كقوله:{ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } [البقرة: 170]، يعني وجدا { سَيِّدَهَا } ، يعني زوجها، { لَدَى ٱلْبَابِ } ، يعني عند الباب ومعه ابن عمها يملخا بن أزليخا، { قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا } ، يعني الزنا، { إِلاَّ أَن يُسْجَنَ } حبساً في نصب، { أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آية: 25]، يعني ضرباً وجيعاً. { قَالَ } يوسف للزوج: { هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ } وهو يمليخا ابن عم المرأة، فتكلم بعقل ولب، قال: { إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ } [آية: 26]، أي إن كان يوسف هو الذي راودها، فقدت، يعني فمزقت قميصه من قُبل، يعني من قدامه، فصدقت على يوسف، ويوسف من الكاذبين في قوله. { وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ } [آية: 27]، أي وإن كان يوسف هو الهارب منها، فأدركته فقدت قميصه من دبر، فكذبت على يوسف، ويوسف من الصادقين في قوله، وقد سمعا جلبتهما وتمزيق القميص من وراء الباب. { فَلَمَّا رَأَى } الزوج { قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ } ، يقول: مزق من ورائه، { قَالَ } لها: { إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ } ، يقول: تمزيق القميص من فعلكن، يعني امرأته، ثم قال: { إِنَّ كَيْدَكُنَّ } ، يعني فعلكن { عَظِيمٌ } [آية: 28]؛ لأن المرأة لا تزال بالرجل حتى يقع في الخطيئة العظيمة. ثم قال الشاهد ليوسف: { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } الأمر الذي فعلت بك، ولا تذكره لأحد، ثم أقبل الشاهد على المرأة، فقال: { وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } ، يعني واعتذرى إلى زوجك واستعفيه ألا يعاقبك، { إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ } [آية: 29].