يخبر تعالى بألطافه بيوسف عليه السلام، أنه قيض له الذي اشتراه من مصر، حتى اعتنى به وأكرمه، وأوصى أهله به وتوسم فيه الخير والصلاح، فقال لامرأته: { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } ، وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها وهو الوزير بها، عن ابن عباس: وكان اسمه (قطفير) وكان على خزائن مصر، وكان الملك يومئذٍ (الريان بن الوليد) رجل من العماليق، قال واسم امرأته (راعيل)، وقال غيره: اسمها (زليخا)، وقال عبد الله بن مسعود: أفرس الناس ثلاثة: عزيز مصر حين قال لامرأته: { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ } ، والمرأة التي قالت لأبيها:{ يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ } [القصص: 26] الآية، وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. يقول تعالى: كما أنقذنا يوسف من إخوته { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ } يعني بلاد مصر { وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } قال مجاهد والسدي هو تعبير الرؤيا، { وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } أي إذا أراد شيئاً فلا يرد، ولا يمانع، ولا يخالف بل هو الغالب لما سواه، قال سعيد بن جبير، أي فعال لما يشاء، وقوله: { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } يقول: لا يدرون حكمته في خلقه وتلطفه وفعله لما يريد. وقوله: { وَلَمَّا بَلَغَ } أي يوسف عليه السلام { أَشُدَّهُ } أي استكمل عقله وتم خلقه، { آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } يعني النبوة، حباه بها بين أولئك الأقوام، { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } أي إنه كان محسناً في عمله عاملاً بطاعة الله تعالى، وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: ثلاث وثلاثون سنة، وعن ابن عباس: بضع وثلاثون، وقال الضحاك: عشرون: وقال الحسن: أربعون سنة، وقيل غير ذلك، والله أعلم.