* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق
{ (11) أَلمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا } القمّى نزلت في ابن ابّي واصحابه { يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ } يعنى بني النّضير { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } من دياركم { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ } في قتالكم او خذلانكم { أَحَداً أَبَداً } اى من رسول الله صلّى الله عليه وآله والمسلمين { وَإِنْ قُوتِلتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } لعلمه بانّه لا يفعلون ذلك.
{ (12) لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ ولَئِنْ قُوتِلُوا لاَ يَنْصُرُونَهُمْ } وكان ذلك فانّ ابن ابىّ واصحابه ارسلوا بني النّضير بذلك ثمّ اخلفوهم كما مرّ في اوّل السّورة { وَلَئِن نَصَرُوهُمْ } على الفرض والتقدير { لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ } انهزاما { ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ } بعد.
{ (13) لأَنتُمْ أَشَدُ رَهْبَةً } مرهوبين { فِي صُدُورِهِمْ } فانّهم كانوا يضمرون مخافتهم من المؤمنين { مِنَ اللَّهِ } على ما يظهرونه نفاقاً { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ } لا يعلمون عظمة الله حتّى يخشوه حقّ حشيته ويعلموا انّه الحقيق بأنُ يخشى.
{ (14) لاَ يُقاتِلُونَكُمْ } اليهود والمنافقون { جَمِيعاً } مجتمعون { إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ } بالدروب والخنادق { أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } لفرط رهبتهم وقرىء جدار { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } اي وليس ذلك لضعفهم وجبنهم فانّه يشتدّ بأسهم اذا حارب بعضهم بعضاً بل لقذف الله الرعب في قلوبهم ولأنّ الشجاع يجبن والعزيز يذلّ اذا حارب الله ورسوله { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } مجتمعين متفقين { وَقُلُوبُهُمْ شَتّى } متفرّقة لافتراق عقايدهم واختلاف مقاصدهم { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ } ما فيه صلاحهم وانّ تشتّت القلوب يوهن قواهم.
{ (15) كَمَثَلِ الِّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } القمّي يعني بني قينقاع { قَريباً } في زمان قريب { ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ } سوء عاقبة كفرهم في الدنيا { وََلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة.
{ (16) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ } اي مثل المنافقين في اغراء اليهود على القتال ثم نكوصهم كمثل الشيطان القمّي ضرب الله في ابن ابيّ وبني النضير مثلاُ فقال كمثل الشيطان { إِذْ قالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ } اغراه للكفر اغراء الامر المأمور { فَلَمّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنكَ } تبرّأ منه مخافة ان يشاركه في العذاب ولم ينفعه ذلك وقال { إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ }.
{ (17) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ }.
{ (18) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } ليوم القيامة سمّاه به لدنوّه او لأنّ الدنيا كيوم والآخرة غده وتنكيره للتعظيم { وَاتَّقُوا اللَّهَ } تكرير للتّأكيد { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ } وهو كالوعيد على المعاصي.
{ (19) وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ } نسوا حقّه { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } فجعلهم ناسين لها حتّى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلّصها { أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } الكاملون في الفسوق.
{ (20) لاَ يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ } الذي استمهنوا انفسهم فاستحقوا النار والذين استكملوها فاستأهلوا للجنّة { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ } بالنعيم المقيم.