قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، إلى قوله: { وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ }. المعنى: إنّ الله نهى المؤمنين أن يُدْبِروا عن النبي صلى الله عليه وسلم، مخالفين لأمره، وهم يسمعون أمره، ولا يكونوا كالكفار الذين قالوا: { سَمِعْنَا } ، بآذاننا { وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } ، بقلوبهم، ولا يعتبرون ما يتلى عليهم. وإنَّما قيل: { وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } ، وقد سمعوا؛ لأنّ من لم ينتفع بما سمع كان بمنزلة من لم يسمع. وقوله: { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ }. أي: إنَّ شرَّ ما دبّ على وجه الأرض من خلق الله عند الله { ٱلصُّمُّ }: عن الحق، فلا ينتفعون به. ولا يتدبرونه، { ٱلْبُكْمُ }: عن قول الحق والإقرار بالله، عز وجل، ورسله، صلوات الله عليه { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }: العُمْيُ عن الهدى. قال مجاهد هم صُمُّ القُلوبِ وبُكْمها وعُميها، وقرأ:{ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ } [الحج: 46] الآية. وعُني بهذه الآية عند ابن عباس: نفر من بني عبد الدار. وقيل عُني بها: المنافقون. ثم قال: { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ }. أي: لأسمعهم جواب كل ما يسألون عنه. أي: لو علم من نياتهم وضمائرهم مثل ما ينطقون به بأفواههم من الإيمان الذي لا يعتقدونه { لأَسْمَعَهُمْ } ، أي لجعلهم يعتقدون بقلوبهم مثل ما ينطقون به بأفواههم، فالإسماع في هذا إسماع القلوب وقبولها ما تسمع الآذان. وقوله: { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ }. عاقبهم بالطبع على قلوبهم، لِمَا علم من إعراضهم عن الإيمان، وما علم من كفرهم، ولذلك دعا موسى عليه السلام. على قومه، فقال:{ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [يونس: 88]. عاقبهم بالدعاء عليهم لِمَا تبين من إصرارهم على الكفر، وتماديهم عليه، { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ } ذلك { لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } ، حسداً ومُعاندةً. وقيل: المعنى: { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ / خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ }. أي: لَفَهَّمَهُم مواعظ القرآن حتى يعقلوا، ولكنه علم أنه لا خير فيهم، وأنهم ممن كتب عليهم الشقاء، فلو فهَّمهم ذلك { لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ }؛ لأنه قد سبق فيهم ذلك، والآية للمشركين، وقيل: للمنافقين.