{ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ } يقول: من يخلص دينه لله، كقوله تعالى:{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ } [البقرة: 148] يعني لكل أهل دين، ثم قال { وَهُوَ مُحْسِنٌ } في عمله { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ } يقول: فقد أخذ { بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } التى لا انفصام لها، لا انقطاع لها { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ } [آية: 22]ٍ يعني مصير أمور العباد إلى الله عز وجل في الآخرة، فيجزيهم بأعمالهم. { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } وذلك أن كفار مكة، قالوا: في حم عسق:{ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } [الشورى: 42]، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم حين يزعم أن القرآن جاء من الله عز وجل، فشق على النبى صلى الله عليه وسلم قولهم وأحزنه، فأنزل الله عز وجل: { وَمَن كَفَرَ } بالقرآن { فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ } من المعاصي { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [آية: 23] يقول: إن الله عز وجل عالم بما في قلب محمد صلى الله عليه وسلم من الحزن بما قالوا له، ثم أخبر عز وجل عنهم، فقال: { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً } في الدنيا إلى آجالهم { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ } نصيرهم { إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [آية: 24] يعني شديد لا يفتر عنهم. { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ } يعني ولكن { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [آية: 25] بتوحيد الله عز وجل، ثم عظم نفسه عز وجل، فقال: { لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } من الخلق، عبيده، وفي ملكه، { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } عن عباده خلقه { ٱلْحَمِيدُ } [آية: 26] عند خلقه في سلطانه.