قوله تعالى: { ومن يُسْلِمْ وجهه } وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو العالية، وقتادة: { ومن يُسَلِّم } بفتح السين وتشديد اللام. وذكر المفسرون أن قوله: { ومن كَفَرَ فلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ } منسوخ بآية السيف، ولا يصح، لأنه تسلية عن الحُزن، وذلك لا ينافي الأمر بالقتال. وما بعد هذا قد تقدم تفسير ألفاظه في مواضع [هود:48، العنكبوت:61، البقرة:267] إِلى قوله: { ولو أنَّ ما في الأرض مِنْ شجرة أقلامٌ } وفي سبب نزولها قولان. أحدهما: " أن أحبار اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ قول الله عز وجل: { وما أُوتيتم من العِلْم إِلاَّ قليلاً } [الاسراء:85]، إِيَّانا يريد، أم قومك؟ فقال: «كُلاً»، فقالوا: ألستَ تتلو فيما جاءك أنَّا قد أوتينا التوراة فيها تِبيانُ كل شيء؟ فقال: «إِنَّها في عِلْم الله قليل» " ، فنزلت هذه الآية، رواه سعيد ابن جبير عن ابن عباس. والثاني: أن المشركين قالوا في القرآن: إِنَّما هو كلام [يوشك أن] يَنْفَد وينقطع، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة. ومعنى الآية: لو كانت شجر الأرض أقلاماً، وكان البحر ومعه سبعة أبحر مِداداً - وفي الكلام محذوف تقديره: فكُتب بهذه الأقلام وهذه البحور كلمات الله - لتكسَّرت الأقلامُ ونَفِذت البحور، ولم تَنْفَذ كلماتُ الله، أي: لم تنقطع. فأما قوله: { والبَحْرُ } فقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: { والبَحْرُ } بالرفع، ونصبه أبو عمرو. وقال الزجاج: من قرأ: { والبَحْرَ } بالنصب، فهو عطف على «ما»؛ المعنى: ولو أن ما في الأرض، ولو أن البحر؛ والرفع حسن على معنى: والبحرُ هذه حالُه. قال اليزيدي: ومعنى { يَمُدُّهُ مِنْ بَعده }: يزيد فيه؛ يقال: مُدَّ قِدْرَكَ، أي: زِدْ في مائها، وكذلك قال ابن قتيبة: { يَمُدُّه } من المِداد، لا من الإِمداد، يقال: مَدَدْتُ دواتي بالمِداد، وأَمددتُه بالمال والرجال.