الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

معترض بين الجملتين ابتداراً لكرامة المؤمنين قبل الأمر بالتبرؤ من الذين لا يؤمنون، وبعد الأمر بالإنذار الذي لا يخلو من وقع أليم في النفوس. وخفض الجناح مثَل للمعاملة باللِّين والتواضع. وقد تقدم عند قوله تعالىواخفض جناحك للمؤمنين } في سورة الحجر 88، وقولهواخفض لهما جناح الذل من الرحمة } في سورة الإسراء 24. والجَناح للطائر بمنزلة اليدين للدواب، وبالجناحين يكون الطيران. و { من المؤمنين } بيان { لمن اتبعك } فإن المراد المتابعة في الدين وهي الإيمان. والغرض من هذا البيان التنويه بشأن الإيمان كأنه قيل واخفض جناحك لهم لأجل إيمانهم كقوله تعالىولا طائرٍ يطير بجناحيه } الأنعام 38 وجبر لخاطر المؤمنين من قرابته. ولذلك لما نادى في دعائه صفيةَ قال «عمة رسول الله» ولما نادى فاطمة قال «بنت رسول الله» تأنيساً لهما، فهذا من خفض الجناح، ولم يقل مثل ذلك للعباس لأنه كان يومئذ مشركاً.