الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ }

{ والذين آمنوا } مبتدأ خبره الحقنا بهم { واتبعتهم ذريتهم } عطف على آمنوا اى نسلهم { بايمان } متعلق بالاتباع والتنكير للتقليل اى بشىء من الايمان وتقليل الايمان ليس مبنيا على دخول الاعمال فيه بل المراد قلة ثمراته ودناءة قدره بذلك فالتقليل فيه بمعنى التحقير والمعنى واتبعتهم ذريتهم بايمان فى الجملة قاصرين عن رتبة ايمان الآباء واعتبار هذا القيد للايذان بثبوت الحكم فى الايمان الكامل اصالة لا الحاقا { الحقنا بهم ذريتهم } اى اولادهم الصغار والكبار فى الدرجة كما روى انه عليه السلام قال " انه تعالى يرفع ذرية المؤمن فى درجته وان كانوا دونه لتقربهم عينه " اى يكمل سروره ثم تلا هذه الآية وفيها دلالة بينة على ان الولد الصغير يحكم بايمانه تبعا لاحد ابويه وتحقيقا للحوقة به فانه تعالى اذا جعلهم تابعين لآبائهم ولاحقين بهم فى احكام الآخرة فينبغى أن يكونوا تابعين لهم ولاحقين بهم فى احكام الدنيا ايضا قال فى فتح الرحمن ان المؤمنين اتبعتهم اولادهم الكبار والصغار بسبب ايمانهم فكبارهم بايمانهم بأنفسهم وصغارهم بأن اتبعوا فى الاسلام بآبائهم بسبب ايمانهم لان الولد يحكم باسلامه تبعا لاحد ابويه اذا أسلم وهو مذهب ابى حنيفة والشافعى واحمد وقال مالك يحكم باسلامه تبعا لاسلام ابيه دون امه واما اذا مات احد ابويه فى دار الاسلام فقال احمد يحكم باسلامه وهو من مفردات مذهبه خلافا للثلاثة واختلفوا فى اسلام الصبى المميز وردته فقال الثلاثة يصحان منه وقال الشافعى لايصحان وفى هدية المهديين اسلام الصبى العاقل وهو من كان فى البيع سالبا وفى الشرآء جالبا صحيح استحسانا حتى لايرث من اقاربه الكفار ويصلى عليه اذا مات وارتداده ارتداد استحسانا فى قول ابى حنيفة ومحمد الا انه يجبر على احسن الوجوه ولا يقتل لانه ليس من اهل العقوبة وفى الاشباه ان قيل اى مرتد لايقتل فقل من كان اسلامه تبعا او فيه شبهة واى رضيع يحكم باسلامه بلا تبعية فقل لقيط فى دار الاسلام وفى الهدية ايضا صبى وقع من الغنمية فى سهم رجل فى دار الحرب او بيع به فمات يصلى عليه لانه يصير مسلما حكما تبعا لمولاه بخلاف ماقبل القسمة فانه حنيئذ يكون على دين ابويه وفى الفتوحات المكية الطفل المسبى فى دار الحرب اذا مات ولم يحصل منه تمييز ولا عقل يصلى عليه فانه الى فطرة الاسلام وهذا اولى ممن قال لايصلى عليه لان الطفل مأخوذ من الطفل وهو ماينزل من السماء غدوة وعشية وهو اضعف من الرش والوبل فلما كان بهذا الضعف كان مرحوما والصلاة رحمة فالطفل يصلى عليه اذا مات بكل وجه انتهى وان دخل الصبى فى دار الاسلام فان كان معه ابواه او احدهما فهو على دينهما وان مات الابوان بعد ذلك فهو على ماكان كما فى الهدية وان لم يكن معه واحد منهما حين دخل الاسلام يصير مسلما تبعا للدار وللمولى ولو اسلم احد الابوين فى دار الحرب يصير الصبى مسلما باسلامه وكذا لو اسلم احد الابوين فى دار الاسلام ثم سبى الصبى بعده من دار الحرب فصار فى دار الاسلام كان مسلما باسلامه { وما التناهم } وما نقصنا الآباء بهذا الالحاق وال الأبغضوهم فى الدنيا شحا كما فى عين المعانى من ألت يألت كضرب يضرب قال فى القاموس ألته حقا يألته نقصه كآلته ايلاتا { من عملهم } من ثواب عملهم { من شىء } من الاولى متعلقة بألتناهم والثانية زآئدة والمعنى ما نقصناهم من عملهم شيأ بأن اعطينا بعض مثوباتهم ابناءهم فتنتقص مثوبتهم وتنحط درجتهم وانما رفعناهم الى درجتهم ومنزلتهم بمحض التفضل والاحسان.

السابقالتالي
2 3 4