الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ }

قوله تعالى: { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } قيل: إن الخصمين كانا من الإنس، وكانت الخصومة على الحقيقة بينهما؛ إما كانا خليطين في الغنم، وإما كان أحدهما له نسوان كثيرة من المهائر والسراري، والثاني ما له إلا امرأة واحدة، فاستنزله عنها.

والصحيح والمشهور: أن السبب في امتحان داود عليه السلام: ما حدثنا الشيخ الإمام أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رضي الله عنه في ذي القعدة سنة خمس وستمائة، قال: أخبرنا أحمد بن المبارك، أخبرنا ثابت بن بندار، أخبرنا أبو علي بن دوما، أخبرنا مخلد بن جعفر، أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا إسماعيل بن عيسى، أخبرنا إسحاق بن بشر، قال: وأخبرنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان داود عليه الصلاة والسلام قد قسم الدهر على أربعة أقسام، فيوم لبني إسرائيل يدارسهم العلم ويدارسونه، ويوم للمحراب، ويوم للقضاء، ويوم للنساء، فبينا هو مع بني إسرائيل يدارسهم إذ قال بعضهم: لا يأتي على ابن آدم يوم إلا يصيب فيه ذنباً، فقال داود في نفسه: اليومُ الذي أخلو فيه للمحراب تُنحّى عني الخطيئة، فأوحى الله تعالى إليه: يا داود خذ حذرك حتى ترى بلاءك ".

قال إسحاق: وأخبرنا ابن بشير - قلتُ: واسمه: سعيد بن بشير -، عن قتادة، عن الحسن قال: بينا هو في محرابه مُنكبّ على الزبور يقرؤها، إذ دخل طائر من الكوة فوقع بين يديه، جسده من ذهب، وجناحاه من ديباج مُكلل بالدر، ومنقاره زبرجد، وقوائمه فيروزج، [فوقع] بين يديه، فنظر إليه فحسب أنه من طير الجنة، فجعل يتعجب من حسنه، وكان له ابن صغير فقال: لو أخذت هذا الطائر فنظر إليه ابني، فأهوى إليه فتباعد منه ويطمعه أحياناً من نفسه حتى كاد تقع يده عليه، فيتباعد منه أيضاً، فما زال كذلك يدنو ويتباعد حتى قام من مجلسه، وأطبق الزبور فطلبه [فوقع] في الكوة، فرمى بنفسه في بستان، فاطلع داود فإذا [بامرأة] تغتسل، فنظر إلى أحسن خلق الله، ونظرت المرأة وإذا وجه رجل، فنشرتْ شَعْرَها فغطَّتْ جسدها.

رجع إلى حديث الحسن، قال: فزاده ذلك بها إعجاباً، فرجع إلى مكانه وفي نفسه منها ما في نفسه، فبعث لينظر من هِيَ، فرجع الرسول إليه فقال: هي [بشايع] ابنة حنانا، وزوجها [أوريا] بن صوري، وهو في البلقاء مع ابن أخت داود محاصري قلعة، فكتب داود إلى ابن أخته كتاباً إذا جاءك كتابي هذا فمُرْ أوريا بن صوري فليحمل التابوت وليتقدم أمام الجيش، وكان الذي يتقدم أمام الجيش لا يرجع حتى يقتل أو يفتح الله تعالى عليه، فدعا صاحب الجيش أوريا بن صوري فقرأ عليه الكتاب، فقال: سمعاً وطاعة، فحمل التابوت وسار أمام أصحابه فقُتِلَ، وكتب ابن أخت داود عليه الصلاة والسلام بذلك إلى داود عليه الصلاة والسلام، فلما انقضت عدّة المرأة أرسل إليها داود عليه السلام فخطبها فتزوجها.

السابقالتالي
2 3 4 5