الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً }

الخطاب لغير معين. و { ثَمّ } إشارة إلى المكان ولا يكون إلاّ ظرفاً والمشار إليه هنا ما جرى ذكره أعني الجنة المذكورة في قولهوجزاهم بما صبروا جَنة } الإنسان 12. وفعل { رأيتَ } الأول منزل منزلة اللازم يدل على حصول الرؤية فقط لا تعلُّقِها بمرئي، أي إذا وجهت نظرك، و { رأيتَ } الثاني جواب { إذا } ، أي إذا فتحت عينك ترى نعيماً. والتقييد بـ { إذا } أفاد معنى الشرطية فدل على أن رؤية النعيم لا تتخلف عن بصر المبصر هنالك فأفاد معنى لا ترى إلاّ نعيماً، أي بخلاف ما يرى في جهات الدنيا. وفي قوله { ومُلْكاً كبيراً } تشبيه بليغ، أي مثل أحوال المُلك الكبير المتنعِّم ربه. وفائدة هذا التشبيه تقريب المشبه لِمدارك العقول. والكبير مستعار للعظيم وهو زائد على النعيم بما فيه من رفعة وتذليل للمصاعب.