{ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا } أي قريبة منهم ظلال أشجارها، وفي نصب الدانية أوجه: أحدها العطف بها على قوله متكئين، والثاني على موضع قوله: { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً } ويرون دانية، والثالثة على المدح، وأتت دانية لأن الظلال جمع وفي قراءة عبد الله ودانياً عليهم ليقدم الفعل، وفي حرف أبيّ ودان رفع على الإستئناف. { وَذُلِّلَتْ } سخّرت وقرّبت { قُطُوفُهَا } ثمارها { تَذْلِيلاً } يأكلون من ثمارها قياماً وقعوداً ومضطجعين ينالونها ويتناولونها كيف شاءوا على أي حال كانوا. أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا حامد بن محمد قال: حدّثنا موسى بن إسحاق قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: أرض الجنة من ورق وترابها مسك وأصول شجرها ذهب وفضّة وأفنانها لؤلؤ وزبرجد وياقوت، والورق والثمر تحت ذلك فمن أكل قائماً لم يؤذه [ومن أكل جالساً لم يؤذه] ومن أكل مضطجعاً لم يؤذه فذلك قوله سبحانه: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }. { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ } قال المفسرون: أراد بياض الفضة في صفاء القوارير فصفاؤها صفاء الزجاج وهي من فضة. أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكّي قال: حدّثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدّثنا سفيان وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: حدّثنا محمد بن حمدويه قال: حدّثنا محمود ابن آدم قال: حدّثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس في قوله سبحانه: { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ } قال: لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب لم تر الماء من ورائها، ولكن قوارير الجنة في بياض الفضة في صفاء القارورة. وقال الكلبي والثمالي: إن الله سبحانه جعل قوارير كلّ قوم من تراب أرضهم وإن تراب الجنة من فضة فجعل من تلك الفضة قوارير يشربون فيها. { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } على قدر رتبهم لا يزيد ولا ينقص، وقال الربيع والقرطبي: على قدر الكفّ، وقراءة العامّة بفتح القاف والدال قدرها لهم السقاة الذين يطوفون بها عليهم. وأخبرني بن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا أبو حامد المستملي قال: أخبرنا محمد بن حاتم الرقي قال: أخبرنا هشام قال: أخبرنا إسماعيل بن سالم عن الشعبي قال: سمعته قرأها قدروها بضم القاف وكسر الدال أي قدرت عليهم فلا زيادة فيها ولا نقصان. قال: وسمعت غيره قدّروها في أنفسهم فأتتهم على ما قدروا لا يزيد ولا ينقص. { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } سوق ومطرب من غير لدع، والعرب تستحب الزنجبيل قال شاعرهم:
كأن جنيا من الزنجبيل خالط
فاها وأريا مشورا
وقيل: هو عين في الجنّة توجد منها طعم الزنجبيل. قال قتادة: شربها المقرّبون صرفاً ويمزج لسائر أهل الجنة.