الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

قوله تعالى: { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } العامل في الظرف محذوف، تقديره: اذكر، أو القول المضمر، تقديره: فيقال لهم، { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا }. والمراد بعرضهم على النار: تعذيبهم بها، كقولهم: عُرض بنو فلان على السيف؛ إذا قتلوا به.

وقيل: المراد عرض النار عليهم، من قولهم: عرضت الناقة على الحوض، يريد: عرض الحوض عليها، فقلبوا.

ويدل عليه تفسير ابن عباس: يجاء بهم إليها فيكشف لهم عنها.

قرأ ابن كثير: " أأذهبتم " بهمزتين، الأولى محققة والثانية ملينة من غير فصل، وحققهما ابن عامر في رواية ابن ذكوان، وليّن الثانية في رواية هشام، وفصل بينهما بألف الحلواني عن هشام أيضاً. وقرأ الباقون " أذهبتم " بهمزة واحدة على الخبر.

قال الفراء والزجاج: العرب توبخ بالألف وبغير الألف، فتقول: أذهبت ففعلت كذا، وذهبت ففعلت.

والمراد بطيباتهم: ما كانوا فيه من اللذات والنعم المكفورة غير المشكورة.

قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: لو شئت لدعوت بصَلائِق وصِنَابٍ وكَراكِرَ وأسْنِمَة، ولكني رأيت الله تعالى نعى على قوم طيباتهم فقال: { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا }.

وقال قتادة: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لو شئت لكنت أطيبكم طعاماً، وأحسنكم لباساً، ولكني أستبقي [طيباتي].

وقال جابر بن عبد الله: اشتهى أهلي لحماً فمررت بعمر بن الخطاب فقال: ما هذا يا جابر؟ قلت: اشتهى أهلي لحماً، فاشتريت لحماً بدرهم، فقال: أو كلما اشتهى أحدكم شيئاً جعله في بطنه، أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية: { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا }.

وقال ثوبان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان [من] أهله [فاطمة]، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة عليها السلام، فلما قدم من غزوة أتاها، فإذا بمِسْحٍ على بابها، ورأى على الحسن والحسين عليهما السلام قلبين من فضة، فرجع ولم يدخل عليها، فلما رأت ذلك فاطمة عليها السلام ظنت أنه لم يدخل عليها من أجل ما رأى، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين وقطعتهما، فبكى الصبيان فقسمته بينهما نصفين، فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يبكيان، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ثوبان اذهب بذا إلى بني فلان -أهل بيت بالمدينة-، [واشتر] لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج، ثم قال: هؤلاء أهل بيتي لا أحب أن يأكلوا طيباتهم في الحياة الدنيا.