اللغَة: { سُلاَلَةٍ } السُّلالة: الخلاصة مشتقة من السَّل وهو استخراج الشيء من الشيء، تقول: سللت الشَّعر من العجين، والسيف من الغمد قال أمية:
خلق البريَّة من سلالة منتن
وإِلى السُّلالة كلُّها ستعود
ويقال: الولد سلالة أبيه لأنه انسلَّ من ظهر أبيه { مَّكِينٍ } ثابت راسخ تقول: هذا شيء مكين أي متمكن في الثبوت والرسوخ { طَرَآئِقَ } جمع طريقة والمراد بالطرائق السماوات السبع سميت بذلك لكون بعضها فوق بعض، ومنه قولهم: طارق النعل إِذا جعل إحداهما على الأخرى { صِبْغٍ } الصبغ: الإِدام وأصله الصباغ وهو الذي يلون به الثوب قال الهروي: كل إِدامٍ يؤتدم به فهو صبغ { ٱلأَنْعَامِ } الحيوانات المأكولة " الإِبل، والبقر، والغنم ". التفسِير: { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي فاز وسعد وحصل على البغية والمطلوب المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف الجليلة، و { قَدْ } للتأكيد والتحقيق فكأنه يقول لقد تحقَّق ظفرهم ونجاحهم بسبب الإِيمان والعمل الصالح، ثم عدَّد تعالى مناقبهم فقال { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } قال ابن عباس: خاشعون: خائفون ساكنون أي هم خائفون متذللون في صلاتهم لجلال الله وعظمته لاستيلاء الهيبة على قلوبهم { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } أي عن الكذب والشتم والهزل قال ابن كثير: اللغو: الباطل وهو يشمل الشرك، والمعاصي، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } أي يؤدون زكاة أموالهم للفقراء والمساكين، طيبة بها نفوسهم طلباً لرضى الله { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } هذا هو الوصف الرابع أي عفَّوا عن الحرام وصانوا فروجهم عمَّا لا يحل من الزنا واللواط وكشف العورات { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } أي هم حافظون لفروجهم في جميع الأحوال إِلا من زوجاتهم وإِمائهم المملوكات { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } أي فإنهم غير مؤاخذين { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ } أي فمن طلب غير الزوجات والمملوكات { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } أي هم المعتدون المجاوزون الحدَّ في البغي والفساد { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } أي قائمون عليها بحفظها وإِصلاحها، لا يخونون إِذا ائتمنوا، ولا ينقضون عهدهم إِذا عاهدوا قال أبو حيان: والظاهر عموم الأمانات فيدخل فيها ما ائتمن الله تعالى عليه العبد من قولٍ وفعلٍ واعتقاد، وما ائتمنه الإِنسان من الودائع والأمانات { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } هذا هو الوصف السادس أي يواظبون على الصلوات الخمس ويؤدونها في أوقاتها قال في التسهيل: فإِن قيل كيف كرّر ذكر الصلوات أولاً وآخراً؟ فالجواب أنه ليس بتكرار، لأنه قد ذكر أولاً الخشوع فيها، وذكر هنا المحافظة عليها فهما مختلفان { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } أي أولئك الجامعون لهذه الأوصاف الجليلة هم الجديرون بوراثة جنة النعيم { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ } أي الذين يرثون أعالي الجنة، التي تتفجر منها أنهار الجنة وفي الحديث