- قوله تعالى: { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } ، إلى قوله: { (إِلَىٰ أَهْلِهِ) مَسْرُوراً }. أي: إذا السماء تصدعت وتقطعت فكانت أبواباً. قال الفراء: تنشق بالغمام. - وقوله: { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ }. أي: وسمعت السماء (في) تصديعها وتشققها لربها فأطاعت له. والعرب تقول: أذِنَت إلى هذا الأمر آذنُ، بمعنى: استمعت. ومنه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما أذِنَ الله لشيءٍ كأذَنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغنّى بالقرآن " يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن. وقال ابن عباس: { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } أي: " سمعت لربها ". وهو قول مجاهد وقتادة والضحاك وسفيان. وقوله: { وَحُقَّتْ } ، أي: وحقق الله عليها الاستماع لأمره بالانشقاق. قال ابن عباس: { وَحُقَّتْ } ، أي: وحقت بطاعة ربها. وقال ابن جبير: { وَحُقَّتْ } أي: ويحق لها أن تسمع وتطيع. وقاله أبو عبيدة. - ثم قال تعالى: { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ }. أي: بسطت فريد في سعتها. وروى الزهري عن علي بن حسينٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذَا كَان يَومُ القِيَامَةِ مَدّ اللهُ - جَلّ ثَنَاءُهُ - الأرضَ مدَّ الأدِيمِ فلا يَكُونُ لِبَشَرٍ مِن بَنَي آدم فِيهَا إلاّ مَوضِعُ قَدَمِهِ... ". - ثم قال تعالى: { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا (وَتَخَلَّتْ) }. أي: (وألقت الأرض) ما فيها من الموتى علقَ ظهرها وتخلت منهم (إلى الله جل) ذكره. قال مجاهد: { (وَأَلْقَتْ) مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } ، أي: أخرجت ما فيها من الموتى ". وقال قتادة: " أخرجت (أثقالها) وما فيها ". - ثم قال تعالى: { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ }. أي: وسمعت الأرض أمر ربها في إلقائها ما في بطنها من الموتى على ظهرها وحققها الله للاستماع. وقيل: معناه وحقّ لها أن تسمع أمره. واختلف في جواب { إِذَا } والعامل فيها. فقال الأخفش: التقدير: إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه إذا السماء انشقت. فيكون العامل في { إِذَا } على قوله فملاقيه. وقيل: التقدير: اذكر يا محمد إذا السماء انشقت. وقيل: الجواب: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ } ، على إضمار الفاء: كما تقول: إذا كان كذا وكذا، فيا أيها الإنسان ترى ما عملت من خير وشر. وقيل: جواب { إِذَا } الأولى والثانية: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ }. وقيل: التقدير: إنك كادح إلى ربك كَدَحاً إذا السماء انشقت. وهذا لا يجوز لأن الكدح: العملُ، فمحال أن يعمل في وقتِ انشقاق السماء /. وقيل: الجواب: { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } ، و [الواو] زائدة، أي: إذا السماء انشقت، (أذنت لربها. وقيل: الجواب محذوف. والتقدير: إذا السماء انشقت)، رأيت الثواب والعقاب. وقال المبرد: التقدير: إذا السماء انشقت، فأما من أوتي كتابه بيمينه. - ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ }.