قوله عز وجل: { المص } فيه لأهل التأويل تسعة أقاويل: أحدها: معناه: أنا الله أُفَضِّل، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. والثاني: أنه [حرف] هجاء [من] المصور، قاله السدي. والثالث: أنه اسم السورة من أسماء القرآن، قاله قتادة. والرابع: أنه اسم السورة مفتاح لها، قاله الحسن. والخامس: أنه اختصار من كلام يفهمه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً. والسادس: هي حروف هجاء مقطعة نبه بها على إعجاز القرآن. والسابع: هي من حساب الجمل المعدود استأثر الله بعلمه. والثامن: هي حروف تحوي معاني كثيرة دل الله تعالى خلقه بها على مراده من كل ذلك. والتاسع: هي حروف اسم الله الأعظم. ويحتمل عندي قولاً عاشراً: أن يكون المراد به: المصير إلى كتاب أنزل إليك من ربك، فحذف باقي الكلمة ترخيماً وعبر عنه بحروف الهجاء لأنها تذهب بالسامع كل مذهب، وللعرب في الاقتصار على الحروف مذهب كما قال الشاعر:
أي وقفت. قوله عز وجل { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ } يعني القرآن. { فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ } وفي الحرج ها هنا ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه الضيق، قاله الحسن، وهو أصله. قال الشماخ بن ضرار:
ولو ردت المعروف عندي رددتها
لحاجة لا العالي ولا المتحرج
ويكون معناه: فلا يضيق صدرك خوفاً ألا تقوم بحقه. والثاني: أن الحرج هنا الشك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي. قال الراجز:
آليت لولا حرج يعروني
ما جئت أغزوك ولا تغزوني
ومعناه: فلا تشك فيما يلزمك فيه فإنما أنزل إليك لتنذر به. والثالث: فلا يضيق صدرك بأن يكذبوك، قاله الفراء. ثم قال: { لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } فجعله إنذاراً للكافرين وذكرى للمؤمنين ليعود نفعه على الفريقين.