أخبرنا أبو [المجد] محمد بن محمد بن أبي بكر، أخبرنا عبدالرزاق بن إسماعيل بن محمد وابن عمه مطهر بن عبدالكريم بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد عبدالرحمن بن [حمد] الدوني، أخبرنا القاضي أبو نصر ابن الكسار، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني، أخبرنا أبو عبدالرحمن النسائي، أخبرنا إسحاق بن منصور ومحمد بن المثنى، حدثنا يحيى [بن] سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن عباس الجشمي، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " في القرآن سورة، ثلاثون آية، شفعت لصاحبها حتى غُفر له { تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } ". وفي حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " وددتُ أن { تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } في قلب كل عبد مؤمن ". وفي حديث ابن شهاب عن حميد بن عبدالرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " { تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } تُجادل عن صاحبها يوم القيامة ". وقد شرحنا " تبارك " في الأعراف. قال ابن عباس: والمراد بالمُلْك: السُّلْطان، فهو يُعزّ ويُذلّ. قوله تعالى: { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ } قال ابن عباس: يريد: الموت في الدنيا والحياة في الآخرة. وقال قتادة: موت الإنسان وحياته في الدنيا. قال أهل المعاني: الحياة: ما يَصح بوجوده الإحساس، أو ما يُوجب كون الشيء حياً، وهو الذي يصح منه أن يَعْلَمَ ويَقْدِرَ، والموت عدم ذلك فيه. ومعنى خلْق ذلك: إيجاده وإعدامه. فإن قيل: لم قَدَّمَ الموت على الحياة؟ قلتُ: لأنها مسبوقة به، يدلك قوله:{ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ } [البقرة: 28]، فقدّمه في الذّكر، وإن كان المراد الموت الثاني، نظراً إلى أنه أسبق. ولأنه أقرب إلى القهر والملك. ولأن المقصود التنبيه والحضّ على عمل الآخرة، فقُدم لذلك. { للِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } مُفسّر في هود. فإن قيل: من أين تعلق قوله: { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } بفعل البلوى؟ قلتُ: قال الزجاج: المتعلق بـ " أيكم " مضمر، تقديره: ليبلوكم فيعلم أيكم أحسن عملاً. وقد ذكرنا فيما مضى أن " أي " لا تعمل فيها ما قبلها. قوله: { طِبَاقاً } أي: مطابقة بعضها فوق بعض، من طَابَقَ النعل؛ إذا خصفها طَبَقاً على طَبَق. وهذا وصفٌ بالمصدر، أو يكون المعنى: ذات طِبَاق أو طُوبقت طِباقاً. { مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ } قال مقاتل: ما ترى يا ابن آدم في خلق السموات من عيب. وقال قتادة: ما ترى خَلَلاً ولا اختلافاً. وقال غيره: حقيقة التفاوت: عدم التناسب، كأنّ بعض الشيء يفوت بعضاً ولا يلائمه. وقرأ حمزة والكسائي: " تَفُوُّتٍ ". ومعنى البنائين واحد، كالتظاهر والتظهّر، والتعاهد والتعهّد.