الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ }

{ واقصد فى مشيك } القصد ضد الافراط والتفريط. والمعنى واعدل فى المشى بعد الاجتناب عن المرح فيه وبالفارسية وميانه باش دررفتن خود اى توسد بين الدبيب والاسراع فلا تمش كمشى الزهاد المظهرين الضعف فى المشى من كثرة العبادات والرياضات فكأنهم اموات وهم المراؤون الذين ضل سعيهم ولا كمشى الشطار ووثوبهم وعليك بالسكينة والوقار وفى الحديث " سرعة المشى تذهب بهاء المؤمن " وقول عائشة رضى الله عنها فى عمر رضى الله عنه كان اذا مشى اسرع فالمراد ما فوق دبيب المتماوت. قال بعضهم ان للشيطان من ابن آدم نزغتين بايتهما ظفر قنع الافراط والتفريط وذلك فى كل شئ يتصور ذلك فيه { واغضض من صوتك } يقال غض صوته وغض بصره اذا خفض صوته وغمض بصره. قال فى المفردات الغض النقص من الطرف والصوت وبالفارسية فرو خوابا نيدن جشم وفروداشتن اواز والصوت هو الهواء المنضغط عند قرع جسمين. قال بعضهم الهواء الخارج من داخل الانسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموّج بتصادم جسمين يسمى صوتا واذا عرض للصوت كيفيات مخصوصة باسباب معلومة يسمى حروفا. والمعنى وانقص من صوتك واقصر واخفض فى محل الخطاب والكلام خصوصا عند الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وعند الدعاء والمناجاة. وكذلك وصية الله فى الانجيل لعيسى ابن مريم مر عبادى اذا دعونى يخفضوا اصواتهم فانى اسمع واعلم ما فى قلوبهم وبالفارسية فرو آور وكم كمن آوز خويش يعنى فرياد كننده ونعره زننده ودراز زبان وسخت كوى مباش واستثنى منه الجهر لارهاب العدو ونحوه. وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد اختار الحكماء للسلطان جهاره الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه واوقع فى قلوبهم انتهى. وفى الخلاصة لا يجهر الامام فوق حاجة الناس والا فهو مسيئ كما فى الكشف. والفرق بين الكراهة والاساءة هوان الكراهة افحش من الاساءة. وفى انسان العيون لا بأس برفع المؤذنين اصواتهم لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين لما فيه من النفع بخلاف ما اذا بلغهم صوت الامام فان التبليغ حينئذ بدعة منكرة باتفاق الائمة الاربعة ومعنى منكرة مكروهة. وفى انوار المشارق المختار عند الاخيار ان المبالغة والاستقصاء فى رفع الصوت بالتكبير فى الصلاة ونحوه مكروه والحالة الوسطى بين الجهر والاخفاء مع التضرع والتذلل والاستكانة الخالية عن الرياء جائز غير مكروه باتفاق العلماء. وقد جمع النووى بين الاحاديث الواردة فى استحباب الجهر بالذكر والواردة فى استحباب الاسرار به بان الاخفاء افضل حيث خاف الرياء او تأذى المصلون او النائمون والجهر افضل فى غير ذلك لان العمل فيه اكثر ولان فائدته تتعدى الى السامعين ولانه يوقظ قلب الذاكر ويجمع همة الفكر ويشنف سمعه ويطرد النوم ويزيد فى النشاط وكان عليه السلام اذا سلم من صلاته قال بصوته الاعلى

السابقالتالي
2 3 4