قال ابن عباس: لم يَسْتَثْنِ موسى في قوله:{ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ } [القصص: 17] فابتُلي به مرة أخرى، يشير إلى ما ابتُلي به مع الإسرائيلي مرة ثانية، وهو قوله: { فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } يعني: المدينة التي قتل فيها القبطي { خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ } أي: [ينتظر سُوءاً] يناله بسبب قتله القبطي. وقال ابن السائب: ينتظر متى يؤخذ. { فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ } [وهو الإسرائيلي] { يَسْتَصْرِخُهُ } على قبطي آخر، أراد أن يسخّره أيضاً، { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ } أي: للإسرائيلي. وقيل: للقبطي. والأول أظهر، { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ } فعيلٌ بمعنى: مَغْوِيّ، كالأليم بمعنى: مؤلم، أي: إنك [لمَغْوِيّ] { مُّبِينٌ } حيث قتلتُ أمس بسببكَ رجلاً وتستصرخني اليوم على آخر. ويجوز أن يكون المعنى: إنك لَغَاوٍ في قتالك من لا تطيق دفع شرّه عنك. ثم أقبل موسى عليهما وأراد أن يبطش بالقبطي، فذلك قوله: { فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ } له الإسرائيلي: { يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي } توهّم ذلك؛ لما رأى من غضب موسى عليه، وظن أنه يريده، { كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ }.