قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ }؛ أي وكذلكَ أيقظناهُم، كما أنَمناهُم ليتحدَّثوا ويسألوا بعضَهم بعضاً، { قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ }؛ وهو رئيسُهم وسُمِّي مكسلميا: { كَم لَبِثْتُمْ }؛ في نومِكم في الكهفِ؛ { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً }؛ فلما نظَرُوا إلى الشَّمسِ، وقد بَقِيَ منها شيءٌ؛ قالوا: { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }؛ تَوَقِّياً من الكذب، فلما نظَرُوا إلى أظفارِهم وأشعارِهم علموا أنَّهم لبثُوا أكثرَ من يومٍ؛ فـ؛ { قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ }. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ }؛ أي فابعثوا يَمليخا، والوَرقُ الفِضَّةُ مضروبةً كانت أو غيرَ مضروبةٍ، وأما المدينةُ فهي أفسوس، وَقِيْلَ: طرسوسُ، كان اسْمُها في الجاهلية: أقسوس، فلما جاءَ الإسلامُ سَمَّوها طرسوسُ. ومعنى الآيةِ: فابعثُوا أحدَكُم بدراهمكم هذه إلى السُّوق؛ { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً }؛ أي أحَلَّ ذِبْحَةً؛ لأن عامَّتَهم كانوا مَجُوساً، وفيهم مؤمنون يُخفون إيْمانَهم، وَقِيْلَ: أطيبَ خُبزاً وأبعدَ عن الشُّبهة، لأن مَلِكَهم كان يظلمُ الناسَ في طعامهم، وكانوا يحسبون أن ملكَهم دقيانوس الكافرُ. وقال عكرمةُ معناه: (أكْثَرَ وَأفْضَلَ) في معنى أنَّ الزكاةَ هو الزيادةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ }؛ أي بقُوتٍ وطعام. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلْيَتَلَطَّفْ }؛ أي يتوقَّف في الذهاب والْمَجيءِ، وفي دخولِه المدينة حتى لا تعرفَهُ الكفارُ؛ { وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً }؛ أي لا يخبرنَ أحدٌ من أهلِ المدينة بمكانكم.