يذكر تعالى ما أنعم به على بني إسرائيل، من إنزال الكتب عليهم، وإرسال الرسل إليهم، وجعله الملك فيهم، ولهذا قال تبارك وتعالى { وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي من المآكل والمشارب { وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمينَ } أي في زمانهم { وَءَاتَيْنَـٰهُم بَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ } أي حججاً وبراهين وأدلة قاطعات، فقامت عليهم الحجج، ثم اختلفوا بعد ذلك من بعد قيام الحجة، وإنما كان ذلك بغياً منهم على بعضهم بعضاً { إِنَّ رَبَّكَ } يا محمد { يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } أي سيفصل بينهم بحكمه العدل، وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم، وأن تقصد منهجهم، ولهذا قال جل وعلا { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا } أي اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو، وأعرض عن المشركين، وقال جل جلاله ههنا { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } أي وماذا تغني عنهم ولايتهم لبعضهم بعضاً فإنهم لا يزيدونهم إلا خساراً ودماراً وهلاكاً { وَٱللَّهُ وَلِىُّ ٱلْمُتَّقِينَ } وهو تعالى يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، ثم قال عز وجل { هَـٰذَا بَصَـٰئِرُ لِلنَّاسِ } يعني القرآن { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }.