الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

القراءة:

قرأ ابن عامر, ونافع { فدية طعام مساكين } على إضافة الفدية وجمع المساكين. الباقون { فدية } منون { طعام مسكين } على التوحيد. والقراءتان متقاربتا المعنى، لأن المعنى لكل يوم يفطر طعام مسكين. والقراءتان يفيدان ذلك.

الاعراب:

قوله تعالى: { أياماً معدودات } منصوب بأحد شيئين: أحدهما - على الظرف، كأنه قيل: الصيام في أيام معدودات. وهو الذي اختاره الزجاج. الثاني - أن يكون قد عدي الصيام إليه كقولك: اليوم صمته. وقال الفراء: هو مفعول ما لم يسمى فاعله كقولك: أعطي زيد المال. وخالفه الزجاج، قال، لأنه لا يجوز رفع الأيام، كما لا يجوز رفع المال. وإذا كان المفروض في الحقيقة هو الصيام دون الأيام، فلا يجوز ما قاله الفراء إلا على سعة في الكلام.

وقال عطا، وقتادة: الأيام المعدودات كانت ثلاثة أيام من كل شهر، ثم نسخ. وكذلك روي عن ابن عباس. وقال ابن أبي ليلى: المعني به شهر رمضان وإنما كان صيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعاً.

وقوله تعالى: { فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر } ارتفع عدّة على الابتداء، وتقديره فعليه عدة من أيام أخر. وروي عن أبي جعفر (ع) أن شهر رمضان كان صومه واجباً على نبي دون أمته. وإنما أوجب على أمة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فحسب. وإنما قال { أخر } ولا يوصف بهذا الوصف إلا جمع المؤنث التي كل واحدة أنثى - والأيام جمع يوم وهو مذكر - حملا له على لفظ الجمع، لأن الجمع يؤنث كما يقال جائت الأيام ومضت الأيام. و " أخر " لا يصرف، لأنه معدول عن الألف واللام، لأن نظائرها من الصغر والكبر لا يستعمل إلا بالألف واللام، لا يجوز نسوة صغر، ويجوز في العربية " فعدة " على معنى، فليعد عدة من أيام أخر بدلا مما أفطر.

المعنى:

وهذه الآية فيها دلالة على أن المسافر، والمريض يجب عليهما الافطار، لأنه تعالى أوجب عليهما القضاء مطلقاً، وكل من أوجب القضاء بنفس السفر والمرض أوجب الافطار وداود أوجب القضاء، وخيرّ في الافطار، فان قدّروا في الآية فأفطر، كان ذلك خلاف الآية، وبوجوب الافطار في السفر قال عمر بن الخطاب، وعبد الله ابن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو هريرة، وعروة ابن الزبير، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين؛ وروى سعيد بن جبير عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس: قال: الافطار في السفر عزيمة. وروى يوسف ابن الحكم، قال: سألت ابن عمر عن الصوم في السفر قال: أرأيت لو تصدقت على رجل بصدقة فردها عليك ألا تغضب، فانها صدقة من الله تصدق بها عليكم، وروى عبد الملك بن حميد قال قال أبو جعفر: كان أبي لا يصوم في السفر وينهى عنه، وروي عن عمر، أن رجلا صام في السفر، فأمره أن يعيد صومه، وروى عطا عن المحرز بن أبي هريرة قال: كنت مع أبي في سفر في شهر رمضان، فكنت أصوم ويفطر، فقال أبي أما أنك اذا أقمت قضيت، وروى عاصم مولى قومه: أن رجلا صام في السفر فأمره عروة أن يقضي، وروى الزهري عن أبى سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

السابقالتالي
2 3