قوله: { لَّقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ } قالت اليهود: إن الله استقرضكم، وإنما يستقرض الفقير. يعنون قول الله:{ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } [الحديد:11]، وقالوا: فهو فقير ونحن أغنياء. وقال بعضهم: ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب؛ لما أنزل الله: { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً } قال: يستقرضنا، افتقر إلينا. وقال مجاهد: لِم يستقرضنا وهو غني. قال الله: { سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } يعني بهذا أوَّليهم الذين قتلوا الأنبياء. { وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ } يعني في الآخرة. { ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } من الكفر والتكذيب { وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }. ثم قال: { الَّذِينَ قَالُوا } ببغيهم { إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ } قال الله: { قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ } من القربان الذي تأكله النار، وأنتم تنظرون فلم تؤمنوا بهم، وقتلتموهم. { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أن الله عهد إليكم ذلك، يعني أوليهم. وكانت الغنيمة قبل هذه الأمة لا تحلّ لهم؛ كانوا يجمعونها فتنزل عليها نار من السماء فتأكلها. قال مجاهد: كان الرجل إذا تصدّق بصدقة فقُبِلت منه أنزلت عليها نار من السماء فأكلتها. ذكر عكرمة قال: ما أحلّت الغنائم لأحد قبلكم، ولا حرّمت الخمر على أحد قبلكم. قوله: { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ المُنِيرِ } قال الكلبي: أما الزبر فكتب الأنبياء، وأما الكتاب المنير فالحلال والحرام. قال الحسن: جاءوا بالبينات، أي: الحجج، والزبر والكتاب المنير، وهما شيء واحد. وقال: فأمر الله نبيه بالصبر، وعزاه، وأعلمه أن الرسل قد لقيت في جنب الله الأذى.