- قوله تعالى: { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } إلى آخرها. [إذا السماء انفطرت، بمنزلة قوله:{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [الإنشقاق: 1]]. - ثم قال تعالى: { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ }. أي: تساقطت. وقد تقدم ذكر هذا. - ثم قال { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ }. أي: فجر الله بعضها في بعض. قال قتادة: " فَجّرَ عَذْبَهَا في مالحها، ومالحها في عذبها ". - ثم قال تعالى: { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ }. أي: [أثيرت] فاستخرج من فيها من الموتى أحياء. يقال: بعثر فلان حوض فلان [وبحْثره]: إذا جعل أسفله أعلاه. قال ابن عباس: { بُعْثِرَتْ }: " بُحِثَتْ ". وقال الفراء: بُعْثِرَتْ فألْقَتْ ما فيها من الكنوز والموتى. ولا معنى للكنوز في هذا؛ لأنه يوم القيامة، ولا كنز في القبور. - ثم قال تعالى: { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ }. هذا جواب { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } وما بعده، أي: علمت كل نفس ما قدمت لذلك اليوم وما أخرت من عمل صال أو سيء. وقيل: معنى (أخرت)، أي: ما سنت من عمل فيعمل به بعده. (قاله القرظي). وقيل: معناه: ما قدمت من العمل المفروض فعملت به، وما تركت منه. وهو قول [ابن] عباس وعكرمة وقتادة وابن زيد. أي: [ما] عملت مما فرض عليها، وما تركت فلم تعمل (به). - ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ }. أي: يا أيها الإنسان الكافر بربه، أي شيء غرك بربك الكريم حتى كفرت به وجحدت نعمه؟! قال الطبري: غَرَّ الناس عدوُّهم المسلط عليهم. وقاله قتادة. - وقوله: { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ }. أي: اخترع خلقك [بعد] إن لم تكن شيئاً فسوى خلقك. { فَعَدَلَكَ } أي: فقومك، فجعل خلقك معتدلاً، (لا) تزيد رجل (على رجل)، ولا يد على يد. ودل على هذا قوله:{ لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [التين: 4]. ومن خفف { فَعَدَلَكَ } فمعناه: صرفك إلى أي صورة شاء، إما حسنٌ وإما قبيحٌ، وإما طويل وإما قصير. وقوله: { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ }. يدل على هذا المعنى. فقراءة (التشديد أولى [ليفيد] الكلام فائدتين مجددتين، لأن معنى التخفيف هو ما أفاد). قوله: { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ }. و { فِيۤ } متعلقة بِ { رَكَّبَكَ } ، ولا يحسن أن تتعلق بِـ (عدلك) لأنك إنما تقول: عدلت إلى كذا، ولا تقول عدلته في كذا. وقد غلط الفراء فمنع قراءة التخفيف واستبعدها لإتيان { فِيۤ } بعد (عدلك)، فظن أن { فِيۤ } متعلقة بـِ (عدلك)، وليست كما ظن. وقد قيل: إن القراءة بالتشديد هي من هذا المعنى على التكثير، أي: صرفك مرة بعد مرة إلى أي صورة شاء. وقيل: معنى التخفيف: (أمالك إلى) ما شاء من حسن وقبح وصحة وسقم. وقال مجاهد: { (فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ) مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } معناه: في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم شاء خلقك.