قوله تعالى: { ومنهم مَنْ يَسْتَمِعُ إِليكَ } يعني المنافقين. وفيما يستمعون قولان. أحدهما: أنه سماع خُطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ الجمعة. والثاني: سماع قوله على عموم الأوقات. فأمّا { الذين أوتوا العلم } ، فالمراد بهم: علماء الصحابة. قوله تعالى: { ماذا قال آنفاً } قال الزجاج: أي: ماذا قال الساعة، وهو من قولك: استأنفتُ الشيء: إذا ابتدأتَه، وروضة أُنُف: لمن تُرْعَ، أي: لها أوَّل يُرْعى؛ فالمعنى: ماذا قال في أوَّل وقت يَقْرُبُ مِنّا. وحُدِّثْنا عن أبي عمر غلامِ ثعلب أنه قال: معنى " آنفاً " مُذْ ساعة. وقرأ ابن كثير، في بعض الروايات عنه: " أَنِفاً " بالقصر، وهذه قراءة عكرمة، وحميد وابن محيصن. قال أبو علي: يجوز أن يكون ابن كثير توهَّم، مثل حاذِر وحَذِر، وفاكِه وفَكِه وفي استفهامهم قولان. أحدهما: لأنهم لم يَعْقِلوا ما يقول، ويدُلُّ عليه باقي الآية. والثاني: أنهم قالوه استهزاءً. قوله تعالى: { والذين اهْتَدَوْا } فيهم قولان. أحدهما: أنهم المسلمون، قاله الجمهور. والثاني: قومٌ من أهل الكتاب كانوا على الإِيمان بأنبيائهم وبمحمد صلى الله عليه وسلم، فلمّا بُعث محمدٌ صلى الله عليه وسلم آمَنوا به، قاله عكرمة. وفي الذي زادهم ثلاثة أقوال. أحدها: أنه الله عز وجل. والثاني: قول الرسول. والثالث: استهزاء المنافقين زاد المؤمنين هُدىً، ذكرهن الزجاج. وفي معنى الهُدى قولان. أحدهما: أنه العِلْم. والثاني: البصيرة. وفي قوله: { وآتاهم تقواهم } ثلاثة أقوال. أحدها: ثواب تقواهم في الآخرة، قاله السدي. والثاني: اتِّقاء المنسوخ والعمل بالناسخ، قاله عطية. والثالث: أعطاهم التقوى مع الهُدى، فاتَّقَوْا معصيته خوفاً من عقوبته، قاله أبو سليمان الدمشقي. و { ينظُرونَ } بمعنى ينتظِرون { أن تأتيَهم } وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو الأشهب، وحميد: { إِنْ تَأْتِهم } بكسر الهمزة من غير ياء بعد التاء. والأشراط: العلامات؛ قال أبو عبيدة: الأشراط: الأعلام، وإِنما سمِّي الشُّرط ـ فيما تَرى ـ لأنهم أعلموا أنفُسهم. قال المفسرون: ظُهور النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وانشقاقُ القمر والدخانُ وغير ذلك. { فأنَّى لهم } أي: فمِن أين لهم { إِذا جاءتْهم } الساعة { ذِكْراهم }؟! قال قتادة: أنَّى لهم أن يَذَّكَّروا ويتوبوا إِذا جاءت؟!.