قوله تعالى: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } - إلى قوله تعالى - { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } [11- 31] 11201/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في الوليد بن المغيرة، و كان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب، و كان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقعد في الحجرة و يقرأ القرآن، فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة فقالوا: يا أبا عبد شمس، ما هذا الذي يقول محمد، أشعر هو أم كهانة أم خطب؟ فقال: دعوني أسمع كلامه. فدنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، أنشدني من شعرك. قال: “ما هو شعر، و لكن كلام الله الذي ارتضاه لملائكته و أنبيائه و رسله”. فقال: اتل علي منه شيئا. فقرأ عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) حم السجدة، فلما بلغ قوله:{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ } [فصلت: 13] يا محمد، يعني قريشا{ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [فصلت: 13] فاقشعر الوليد، وقامت كل شعرة على رأسه و لحيته، و مر إلى بيته، و لم يرجع إلى قريش من ذلك. فمشوا إلى أبي جهل، فقالوا: يا أبا الحكم، إن أبا عبد شمس صبا إلى دين محمد، أما تراه لم يرجع إلينا؟ فغدا أبو جهل إلى الوليد، فقال [له]: يا عم، نكست رؤوسنا و فضحتنا، و أشمت بنا عدونا، و صبوت إلى دين محمد! فقال: ما صبوت إلى دينه، و لكني سمعت [منه] كلاما صعبا تقشعر من الجلود. فقال له أبو جهل: أخطب هو؟ قال: لا، إن الخطب كلام متصل، و هذا كلام منثور، و لا يشبه بعضه بعضا. قال: فشعر هو؟ قال: لا، أما إني قد سمعت أشعار العرب بسيطها و مديدها و رملها و رجزها و ما هو بشعر، قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه. فلما كان من الغد قالوا له: يا أبا عبد شمس، ما تقول فيما قلنا؟ قال: قولوا هو سحر، فإنه آخذ بقلوب الناس. فأنزل الله عز و جل على رسوله في ذلك { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } و إنما سمي وحيدا لأنه قال لقريش: إني أتوحد بكسوة البيت سنة، و عليكم بجماعتكم سنة. و كان له مال كثير و حدائق، و كان له عشر بنين بمكة، و كان له عشرة عبيد، عند كل عبد ألف دينار يتجر بها، و ملك القنطار في ذلك الزمان، و يقال: إن القنطار جلد ثور مملوء ذهبا، فأنزل الله عز و جل { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } إلى قوله تعالى: { صَعُوداً }.