قوله تعالى: { ثم لآتينَّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } فيه سبعة أقوال. أحدها: { من بين أيديهم } أشككهم في آخرتهم، { ومن خلفهم } أرغبهم في دنياهم، { وعن أيمانهم } أي: من قِبل حسناتهم، { وعن شمائلهم } من قِبل سيئاتهم، قاله ابن عباس. والثاني: مثلُه، إلا أنهم جعلوا { من بين أيديهم } الدنيا، { ومن خلفهم } الآخرة، قاله النخعي، والحكم بن عتيبة. والثالث: مثل الثاني، إلا أنهم جعلوا { وعن أيمانهم } من قبل الحق أصدَّهم عنه، { وعن شمائلهم } من قبل الباطل أردُّهم إليه، قاله مجاهد، والسدي. والرابع: { من بين أيديهم } من سبيل الحق، { ومن خلفهم } من سبيل الباطل { وعن أيمانهم } من قبل آخرتهم، { وعن شمائلهم } من أمر الدنيا، قاله أبو صالح. والخامس: { من بين أيديهم } { وعن أيمانهم } من حيث يبصرون. { ومن خلفهم } { وعن شمائلهم } من حيث لا يبصرون، نقل عن مجاهد أيضاً. والسادس: أن المعنى لأتصرفن لهم في الإِضلال من جميع جهاتهم، قاله الزجاج، وأبو سليمان الدمشقي. فعلى هذا، يكون ذكر هذه الجهات، للمبالغة في التأكيد. والسابع: { من بين أيديهم } فيما بقي من أعمارهم، فلا يقدمون فيه على طاعة، { ومن خلفهم } فيما مضى من أعمارهم، فلا يتوبون فيه من معصية، { وعن أيمانهم } من قبل الغنى، فلا ينفقونه في مشكور، { وعن شمائلهم } من قبل الفقر، فلا يمتنعون فيه من محظور، قاله الماوردي. قوله تعالى: { ولا تجد أكثرهم شاكرين } فيه قولان. أحدهما: موحِّدين، قاله ابن عباس. والثاني: شاكرين لنعمتك، قاله مقاتل. فان قيل: من أين علم إبليس ذلك؟ فقد أسلفنا الجواب عنه في سورة (النساء).