قوله: { لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ } أي: يصلحهم { وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ } أي القرآن { وَالحِكْمَةَ } يعني السنة. { وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ } أي من قبل أن يأتيهم النبي عليه السلام { لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }. قوله: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ } أي يوم أُحُد { قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا } أي: يوم بدر. { قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا } أي: من أين هذا؟ من أين أوتينا ونحن مؤمنون والقوم مشركون. وقال بعضهم: { أَنَّى هَذَا } أي: كيف هذا؟ { قُلْ هُوَ مِنْ عِندَ أَنفُسِكُمْ } أي: بمعصيتكم؛ أي بمعصيتهم رسول الله، حيث أمرهم ألا يتّبعوا المدبرين، وبأخذهم الفدية من أهل بدر في تفسير الحسن. { إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }. قوله: { وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ } أي جمع المؤمنين وجمع المشركين يوم أحد، وقد فسّرناه قبل هذا الموضع { فَبِإِذْنِ اللهِ } [أي الله أذن فِي ذلك] أي عاقبكم الله بذلك. { وَلِيَعْلَمَ المُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا } وهذا علم الفعال. { وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَو ادْفَعُوا } أي كثِّروا السواد { قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ } قال الله: { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ } أي إنهم كفروا. قال الحسن: وإذا قال الله أقرب فهو اليقين، أي إنهم كافرون. كقوله:{ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقُوَى } [البقرة:237] أي: والعفو هو من التقوى. كذلك النفاق هو من الكفر، وهو كفر فوق كفر وكفر دون كفر. وقد يقول القائل لخصمه: حجتي أقرب إلى الحق من حجتك، أي: إن حجتي حق ويقين، وحجتك باطل وضلال. وقال الكلبي: { قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ }: كانوا ثلاثمائة منافق رجعوا مع عبد الله بن أبي فقال لهم [أبو] جابر عبد الله: أناشدكم الله في نبيكم وذراريكم ودينكم، فقالوا: والله لا يكون قتال اليوم، ولو نعلم قتالاً لاتبعناكم يقول الله: { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ }. { يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } أي: يقولون الإِيمان بألسنتهم وقلوبهم مضمرة على ترك الوفاء بما أقروا به من القول والعمل. { وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ } أي من ترك الوفاء بالعمل بالذي أقروا به من القول والعمل.