الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }

قوله عز وجل: { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها.. } الآية في قوله { وإذا أردنا أن نهلك قرية } ثلاثة أقاويل:

أحدها: معناه إذا أردنا أن نحكم بهلاك قرية.

والثاني: معناه وإذا أهلكنا قرية، وقوله { أردنا } صلة زائدة كهي في قوله تعالى:جداراً يريد أن ينقض } [الكهف: 77]

الثالث: أنه أراد بهلاك القرية فناء خيارها وبقاء شرارها.

{ أمرنا مترفيها } الذي عليه الأئمة السبعة من القراء أن أمرنا مقصور مخفف، وفيه وجهان:

أحدهما: أمرنا متفريها بالطاعة، لأن الله تعالى لا يأمر إلا بها، { ففسقوا فيها } أي فعصوا بالمخالفة، قاله ابن عباس.

الثاني: معناه: بعثنا مستكبريها، قاله هارون، وهي في قراءة أبيِّ: بعثنا أكابر مجرميها.

وفي قراءة ثانية { أمّرنا مترفيها } بتشديد الميم، ومعناه جعلناهم أمراء مسلطين، قاله أبو عثمان النهدي.

وفي قراءة ثالثة { آمَرْنا مُترفيها } ممدود، ومعناه أكثرنا عددهم، من قولهم آمر القوم إذا كثروا، لأنهم مع الكثرة يحتاجون إلى أمير يأمرهم وينهاهم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " خير المال مهرة أو سُكة مأبورة " أي كثيرة النسل، وقال لبيد:

إن يغبطوا يهبطوا وإن أمِروا   يوماً يصيروا إلى الإهلاك والنكد
وهذا قول الحسن وقتادة.

وفي { مترفيها } ثلاثة تأويلات:

أحدها جباروها، قاله السن.

الثاني: رؤساؤها، قاله علي بن عيسى.

الثالث: فساقها، قاله مجاهد.