أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { واختار موسى قومه } الآية. قال: كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلاً فاختار سبعين رجلاً فبرز بهم، فكان ليدعو ربكم فيما دعوا الله أن قالوا: اللهمَّ اعطنا ما لم تعطه أحداً بعدنا، فكره الله ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة قال موسى { لو شئت أهلكتهم من قبل... إن هي إلا فتنتك } يقول: إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عمن تشاء. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الحميري قال: لما اختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقات ربه قال الله لموسى: أجعل لكم الأرض مسجداً وطهوراً ، واجعل السكينة معكم في بيوتكم، واجعلكم تقرأون التوراة من ظهور قلوبكم فيقرأها الرجل منكم والمرأة ، والحر والعبد، والصغير والكبير، فقال: موسى: إن الله قد جعل لكم الأرض مسجداً وطهوراً. قالوا: لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس. قال: ويجعل السكينة معكم في بيوتكم. قالوا: لا نريد إلا كما كانت في التابوت. قال: ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهور قلوبكم، فيقرأها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد ، والصغير والكبير. قالوا: لا نريد أن نقرأها إلا نظراً. قال الله { فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة } إلى قوله { المفلحون } قال موسى: أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم اجعلني نبي هذه الأمة. قال: إن نبيهم منهم. قال: اجعلني من هذه الأمة. قال: إنك لن تدركهم. قال: رب أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم. قال: فأوحى الله إليه{ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } [الأعراف: 159] قال: فرضي موسى. قال نوف: ألا تحمدون رباً شهد غيبتكم ، وأخذ لكم بسمعكم ، وجعل وفادة غيركم لكم؟. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف البكالي. أن موسى لما اختار من قومه سبعين رجلاً قال لهم: فِدوا الى الله وسلوه فكانت لموسى مسألة ولهم مسألة، فلما انتهى إلى الطور ـ المكان الذي وعده الله به ـ قال لهم موسى: سلوا الله. قالوا{ أرنا الله جهرة } [النساء: 153] قال: ويحكم...! تسألون الله هذا مرتين؟ قال: هي مسألتنا أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة فصعقوا، فقال موسى: أي رب جئتك سبعين من خيار بني إسرائيل، فأرجع إليهم وليس معي منهم أحد ، فكيف أصنع ببني إسرائيل، أليس يقتلونني؟ فقيل له: سل مسألتك: قال: أي رب إني أسألك أن تبعثهم. فبعثهم الله فذهبت مسألتهم ومسألته، وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سعيد الرقاشي في قوله { واختار موسى قومه سبعين رجلاً } قال: كانوا قد جاوزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين، وذلك أن من جاوز الثلاثين فقد ذهب جهله وصباه ، ومن بلغ الأربعين لم يفقد من عقله شيئاً.