يقول تعالى لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم: { فَٱسْتَفْتِهِمْ } أي: اسأل المشركين باللّه غيره، الذين عبدوا الملائكة، وزعموا أنها بنات اللّه، فجمعوا بين الشرك باللّه ووصفه بما لا يليق بجلاله، { أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } أي: هذه قسمة ضيزى، وقول جائر، من جهة جعلهم الولد للّه تعالى، ومن جهة جعلهم أردأ القسمين وأخسهما له، وهو البنات التي لا يرضونهن لأنفسهم، كما قال في الآية الأخرى{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } [النحل: 57] ومن جهة جعلهم الملائكة بنات اللّه، وحكمهم بذلك. قال تعالى في بيان كذبهم: { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } خلقهم؟ أي: ليس الأمر كذلك، فإنهم ما شهدوا خلقهم، فدلَّ على أنهم قالوا هذا القول بلا علم، بل افتراء على اللّه، ولهذا قال: { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ } أي: كذبهم الواضح { لَيَقُولُونَ وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }. { أَصْطَفَى } أي: اختار { ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } هذا الحكم الجائر { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } وتميزون هذا القول الباطل الجائر فإنكم لو تذكرتم لم تقولوا هذا القول: { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } أي حجة ظاهرة على قولكم، من كتاب أو رسول. وكل هذا غير واقع ولهذا قال: { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فإن مَنْ يقول قولاً لا يقيم عليه حجة شرعية، فإنه كاذب متعمد، أو قائل على اللّه بلا علم.